من حاجة) فإن الواحد منا قد لا يكون له رغبة أصلاً في الشيء فلا يحتاج لمشاهدته من أصله أو له مواصفات خاصة في المرأة من طول وشكل ونحو ذلك فلو نظر فيها فوجدها لا تتوفر فيها تلك الأمور المبدئية فإنه لا يحتاج للنظر لوجهها من أصله.
ب- ثم على فرض أنها كانت كاشفة أليس من حق الخاطب النظر لمخطوبته؟ وهذه المرأة جاءت واهبة نفسها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليتزوجها، وكذلك الصحابي لما طلب أن يتزوجها، فكيف يستدلون بمثل هذه الأحاديث على كشف المرأة لوجهها؟ والمخالف لهم يقر بجواز ذلك وأنه أحد الأدلة على ستر النساء لوجوههن.
وهذا ما فهمه ابن بطال عند شرحه لهذا الحديث من صحيح البخاري فقال:(ذهب جمهور العلماء إلى أنه لا بأس بالنظر إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها، وهو قول مالك، والثوري، والكوفيين، والشافعي، وأحمد، وقالوا: لا ينظر إلى غير وجهها وكفيها. وقال الأوزاعي: ينظر إليها ويجتهد وينظر إلى مواضع اللحم .... .
وخالفهم آخرون، وقالوا: لا يجوز لمن أراد نكاح امرأة ولا لغيره أن ينظر إليها إلا أن يكون زوجاً لها أو ذا محرم منها، ووجهها وكفاها عورة بمنزلة جسدها (١)، واحتجوا بحديث ابن إسحاق، عن محمد بن إبراهيم، عن سلمة بن أبى الطفيل، عن على بن أبى طالب أن النبي قال
(١) وهنا لتعلم أن من قال بعكس قولهم وأن الوجه ليس بعورة لم يعنى بذلك كشفه لكل أحد كما فهمه عنهم أهل السفور اليوم، وإنما قصدوا بذلك أنه يجوز كشفه عند الخاطب والشاهد ونحو ذلك من الضرورات، وهذا كان أحد الأسباب في أنهم لم يعدوه من العورة كغيرهم.