للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

له: «يا عليّْ لا تتبع بالنظرة النظرة، فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة».

قالوا: فلما حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النظرة الثانية؛ لأنها تكون باختيار الناظر، وخالف بين حكمها وحكم ما قبلها إذا كانت بغير اختيار من الناظر، دل على أنه ليس لأحد أن ينظر إلى وجه امرأة إلا أن تكون زوجة أو ذات محرم.

واحتج عليهم أهل المقالة الأولى أن الذي أباحه النبي عليه السلام في الآثار الأول هو النظر للخطبة لا لغير ذلك، وذلك نظر لسبب هو حلال، ألا ترى لو أن رجلا نظر إلى وجه امرأة لا نكاح بينه وبينها ليشهد عليها أو لها أن ذلك جائز، وكذلك إذا نظر إلى وجهها ليخطبها، فأما المنهي عنه فالنظر لغير الخطبة ولغير ما هو حلال) (١) انتهى كلام ابن بطال على حديث الواهبة.

والمهم أننا بنقلنا لكلام الإمام ابن بطال والذي هو نفسه كلام الإمام الطحاوي - والذي سبق معنا (٢) - تبين لنا أن لا مذهب ثالث في مسألة الحجاب في زمنهم، كمثل مذهب القائلين اليوم بجواز كشف المرأة لوجهها، وإلا لذكروه واحتجوا به على من قال بمنع الخاطب من النظر للمخطوبة فضلا عن أن يكون ذلك في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) شرح البخاري لابن بطال (باب النظر إلى المرأة قبل التزويج).
(٢) كلام الإمام الطحاوي كان في (صـ ١٦٣) عند بيان مذهب القائلين إن الوجه ليس بعورة وأن ذلك لا يلزم منه عندهم عدم وجوب ستره لعلة أخرى وهي الفتنة والشهوة.

<<  <   >  >>