وصحابته الكرام أو تابعيهم بإحسان أو قول في مذهب أبي حنيفة ومالك والشافعي ورواية عن أحمد وجمهور الأئمة كما يدعون! .
وانظر كيف استدل عليهم من رأى جواز نظر الخاطب لمخطوبته وكيف ناقشوهم بحديث رسول الله في جواز نظر الخاطب أو الإجماع في جواز نظر الشاهد، فلم يحتجوا عليهم بحديث الخثعمية ولا الواهبة نفسها ولا أسماء بنت أبي بكر ولا سفعاء الخدين ولا ... ولا غيرها مما أتى به أهل السفور اليوم، فسبحان الله كم بينهم وبين دعاة السفور اليوم من الفرق والبون الشاسع في الفهم والعلم، ولتعرف أن المتقدمين سواء من قال أن الوجه عورة أو من قال أنه ليس بعورة أنهم على خط واحد مستقيم ومنهج ثابت مطرد، وإن خالف البعض من المتقدمين من كلا الفريقين - وهم قليلون - فمنعوا من النظر للمرأة ولو لحاجة وضرورة ولو للخاطب، فنسب هذا أكثر ما نسب لمن قالوا إن المرأة كلها عورة، وإلا فالحق أننا رأينا أنه روي عن مالك وغيره كراهة ذلك وهم ممن لا يعدون الوجه والكفين من العورة، لتعرف أنهم في أصل المسألة ووجوب سترهما عن الأجانب متفقون مع من قال بأن المرأة كلها عورة، وإنما الخلاف بينهم في اختيار العلة المناسبة التي من أجلها أمر الشارع المرأة المسلمة بستر وجهها وزينتها عن الرجال، فمن قائل لأنه عورة ومن قائل ليس بعورة وإنما لأنه فتنة وشهوة، فظهر اعتراض هؤلاء على أولئك أكثر من ظهور علتهم، فحسبه أهل السفور أنه خلاف بينهم في أصل المسألة وأساسها.