ليعرفها ولو كان كشف الوجه جائز لفعلت ذلك وهي في وضع أحوج ما تكون فيه للنجدة والمساعدة بل وهي أم له وللمؤمنين بنص القرآن فعُلم أن ستر وجه المرأة فريضة لا يجوز كشفه إلا في استثناءات معينة ولأسباب مبيحة ضرورية، وهي لم تكشفه مع هذه الضرورة لأن آيات حادثة الإفك من قوله تعالى:{إن الذين جاءو بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم}[النور آية: ١١] كانت قبل أن تنزل آية الرخصة من قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}[النور آية: ٣١] لهذا غطت وجهها ولم تترخص من عند نفسها لمثل هذه الضرورة الملحة.
وكما ترى فلم يقل أحد في هذه الأحاديث ولا غيرها شيئاً من الخصوصية لأمهات المؤمنين، وقد تقدم بيان هذا في مبحث مستقل وأن المتقدمين لم يفهموا من خصوصية أمهات المؤمنين أن ستر الوجه واجب عليهن وسنة على من سواهن فهذه بدعة حديثة لم تكن في سالفهم أبدا، وإنما الذي عنوه خصوصيتين أثنتين ليس فيهما شيء مما يقوله اليوم فريق من دعاة السفور هدانا الله وإياهم.
الخصوصية الأولى: أنه شدد على أمهات المؤمنين في أمر الحجاب فكن على قول بعض أهل العلم مخصوصات بعدم ظهور شخوصهن ولو كن مستترات في الأزر فضلا عن عدم جواز ظهور الوجه والكفين منهن ولو عند الحاجة، لا في شهادة ولا غيرها ففرض عليهن ذلك بعكس ما هو جائز لغيرهن، وهكذا حمل بعضهم أحاديث حجبهن من