فلو كان كشف الوجه هو المعمول عندهم والسائد لديهم لِمَ سترها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بردائه وجعلها خلفه بعيدة عن اختلاطها بالرجال؟ ولو كان الأمر خاصاً بهن لِمَ قالت للناس:(فَاقْدُرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ)؟ .
قال في عمدة القاري شرح صحيح البخاري لبدر الدين العيني الحنفي:(وفيه أنه لا بأس بنظر المرأة إلى الرجل من غير ريبة ألا ترى ما اتفق عليه العلماء من الشهادة عليها أن ذلك لا يكون إلا بالنظر إلى وجهها ومعلوم أنها تنظر إليه حينئذ كما ينظر الرجل إليها والله أعلم) انتهى.
فانظر خلافهم أين وفيم كان، وهو في جواز أن تنظر المرأة للرجل وليس العكس، وانظر اليوم أين وفيم هو خلافنا مع دعاة السفور هدانا الله وإياهم؟ وهو قولهم بجواز كشف المرأة وجهها للرجال لينظروا إليها وزادوا - حديثاً - ومخالطتها ومؤاكلتها. فلا حول ولا قوة إلا بالله.
١٢ - وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:(جاء عمي من الرضاعة فاستأذن علي فأبيت أن آذن له حتى أسأل رسول الله فجاء رسول الله فسألته عن ذلك فقال إنه عمك فأذني له قالت: فقلت: يا رسول الله إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل قالت: فقال رسول الله: إنه عمك فليلج عليك قالت: عائشة وذلك بعد أن ضرب علينا الحجاب) انتهى.
ولهذا لم يفهم البخاري ولا غيره عند تبويبه للحديث ما فهمه اليوم البعض من أن ذلك خاص بزوجات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمهات المؤمنين دون غيرهن من النساء فقال: (باب ما يحل من الدخول والنظر إلى النساء