والعجيب والخطير أنهم يستهزؤون بهذا الكلام من كشف المرأة لإحدى عينيها مع أنه مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما وعن عبيدة السلماني وغيرهما من أئمة الأسلام، وكلامهم مبثوث في كتب أهل العلم وأهل التفسير بشكل مستفيض ومشهور حتى أنه يندر أن تقرأ في تفسير من تفاسيرهم عن آية الإدناء ولا تجد ذلك مذكورا عندهم (١)، ومع ذلك فلم يضعفه أحد ولم يقل فيه ما قاله أهل السفور اليوم فهذه والله جرأة عجيبة وحيدة عن الحق فكيف وهو موافق في أصله العام لسيرة أمهات المؤمنين والصحابيات الكريمات والتابعيات الجليلات، كما يقولون:(والنصوص متضافرة عن أن نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - كن يحتجبن حتى في وجوههن وإليك بعض الأحاديث والآثار التي تؤيد ما نقول ... ففي هذه الأحاديث دلالة ظاهرة على أن حجاب الوجه قد كان معروفا في عهده - صلى الله عليه وسلم - وأن نساءه كن يفعلن ذلك وقد استن بهن فضليات النساء بعدهن) انتهى نقلا من كلام الشيخ الألباني في كتابه جلباب المرأة.
ومن نظر في كلام الألباني وبماذا ضعف به هذا الأثر كما في كتابه "الرد المفحم" تذكر قول القائل:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة ... ولكن عين السخط تبدي المساويا
(١) راجع ما نقلناه عن أهل العلم في تفسير الآية صفحة (٣٢ - ٧٧) لترى كلام ابن عباس وغيره من السلف فيها.