(وكان في الجاهلية تخرج الحرة والأمة مكشوفات يتبعهن الزناة وتقع التهم، فأمر الله الحرائر بالتجلبب وقوله: ? ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين? قيل يعرفن أنهن حرائر فلا يتبعن ويمكن أن يقال المراد يعرفن أنهن لا يزنين لأن من تستر وجهها مع أنه ليس بعورة لا يطمع فيها أنها تكشف عورتها فيعرفن أنهن مستورات لا يمكن طلب الزنا منهن) انتهى كلامه.
وأما قول الإمام الرازي (مع أنه ليس بعورة) فليس كما توهمه البعض وفهموه فهماً سطحياً متسرعاً، من أن الفقهاء القائلين إن الوجه ليس بعورة يقولون بجواز سفور وجه المرأة لمجرد قولهم أن الوجه ليس بعورة، فهُم مع أنهم لم يعدوا الوجه والكفين عورة، فإنهم مع ذلك يوجبون تغطيته كما ترى هنا ويحرمون كشفه بتاتا إلا بسبب مبيح، لأن علة التحريم والأمر بالإدناء عندهم وإن لم تكن العورة فهي علة أخرى يسمونها الفتنة والشهوة، وهذا ظاهر هنا من كلام الرازي:(فأمر الله الحرائر بالتجلبب ... لأن من تستر وجهها مع أنه ليس بعورة) فهو يقول (فأمر الله) ولكن من لم يفهم مقصدهم من المتأخرين نسب إليهم ذلك، وهم عندما قالوا أنه ليس بعورة إنما اعترضوا على علة الفريق الآخر لأنه يستلزم منها لوازم عندهم، ولم يعترضوا على أصل الفريضة وستر المرأة لوجهها؛ لأن المرأة كما يعبرون تكشف الوجه والكفين في صلاتها إجماعاً، ولو قيل أنهما من العورة لقيل وكيف لم تبطل صلاتها؟ وكذلك اعترضوا على كونهما من العورة لأن الشرع