عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أبنائهن وَلَا إخوانهن وَلَا أبناء إخوانهن وَلَا أبناء أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أيمَانهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إن اللَّهَ كان عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدا} [والأحزاب: ٥٥] كل هذا تدرج في تحريم كل ما يثير الشهوات من النظر إلى النساء أوالدخول عليهن، حتى أمرن بفريضة الحجاب عن نظر الرجال حال خروجهن من البيوت وذلك بلبس الجلابيب والعباءات وبتغطية الرؤوس والوجوه وهذا من أنفع وأبلغ الأمور للبعد عن الزنا ومقدماته، بل ووصف ذلك وصفاً دقيقا تناقلته الأخبار والآثار عن الصحابة ومن بعدهم كما مر معنا عند قوله تعالى:{يا أيها النَّبِيُّ قُل لأزواجك وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذَلِكَ أَدْنَى أن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكان اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً}[الأحزاب: ٥٩].
فالله لم يقرر عقوبة الزنا في كتابه فجأة كما يلزم من قول من استشهد بقوله تعالى:{ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} فتبين أنه قد سبقها آيات في فرض الحجاب.
وإلا فيكون عاقب قبل أن يُعدّ عباده المؤمنين والمؤمنات بما يعينهم حتى لا يقعوا فيما نهى عنه، وقبل أن يسد الأسباب والوسائل المفضية لذلك، ويكون الأمر كما قال الشاعر:
ألقاه في اليمّ مكتوفاً وقال له ... إياك إياك أن تبتل بالماء
وتعالى الله عن الظلم والجور والشطط، وهو الحكيم العليم الخبير بنفوس عباده حيث أحسن ترتيب الآيات والأحكام، القائل في محكم