للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كتابه: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آياتهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} [هود: ١]، بل لقد مهد وتدرج، كما مر معنا بمقدمات وأمور عديدة حتى فرض الحجاب، فكان في ذلك تمهيدا وتدرجا آخر أيضا، ثم بعد ذلك بما يقارب السنة نزلت سورة النور، بما فيها من عقوبة الزناة.

فلم تنزل عقوبة الزنا إلا وقد تهيأ لها المسلمون رجالا ونساء بتلك التوجيهات والأوامر، فلم يكن للجميع عذر بعد ذلك في أن يعرفوا أن عقوبة من زنا بعد كل تلك التحصينات والتحرزات والسواتر والحجب حتى أبسطها وأقلها الأمر للنساء بخشونة القول للرجال وقوله: {وقرن في بيوتكن} وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان النطق، والنفس تتمنى وتشتهي، والفرج يصدق ذلك كله أو يكذبه) متفق عليه.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: (أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية) (١)، وغير ذلك من تحريم الخلوة أو الاختلاط بالنساء.

وبالتالي فإن كشف الوجه عند كل منصف وعادل ومتدبر أعظم من هذه الأمور وأشد إثارة للنفس لداعي الوقوع في زنا النظر أو زنا النطق أو زنا الفرج بلا شك ولا ريب، ولو أباح الله كشفه كما يقوله البعض ما نهى عما دونه، فكان كل ذلك حماية للفروج.


(١) رواه أحمد وأبو داود والنسائي بسند صحيح، وصححه الألباني في جلباب المراة.

<<  <   >  >>