والرضا، والتبرؤ من كل حول وقوة، إلى من أنعم بذلك كله، ولو شاء
سلبه.
وأدل ما فيها على هذا المقصود: قصة الأنفال، التي اختلفوا في أمرها
وتنازعوا قسمها، فمنعهم الله منها، وكف عنهم حظوظ الأنفس، وألزمهم
الإخبات والتواضع، وأعطاها نبيه - صلى الله عليه وسلم -، لأنه الذي هزمهم بما رمى من الحصيات التي خرق الله فيها العادة، بأن بثها في أعين جميعهم، وبما أرسل من جنوده، فكان الأمر له وحده يمنحه من يشاء، ثم لما صار له - صلى الله عليه وسلم -، رده فيهم، منة منه عليهم، وإحساناً إِليهم.
واسمها الجهاد كذلك، لأن الكفار دائماً أضعاف المسلمين، وما جاهد
قوم منا قط إلا أكثر منهم.
وتجب مصابرة الضعيف: فلو كان النظر إلى غير قوته سبحانه ما أطيق ذلك.
[فضائلها]
وأما فضائلها: فروى أبو عبيد عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس
رضي الله عنهما: أنها نزلت في بدر.
ولأحمد - قال الهيثمي: ورجاله ثقات - عن عبادة بن الصامت رضي
الله عنه، أنه سُئِلَ عن الأنفال فقال: فينا معشر أصحاب بدر نزلت حين