ومقصودها: وصف الكتاب بأنه من عند الله، لما اشتمل عليه من
الحكمة وأنه ليس إلا من عند سبحانه، لأن غيره لا يقدر على شيء منه.
وذلك دالّ بلا ريب على أنه واحد في ملكه، لا شريك له في شيء من أمره.
وتمام الدليل على هذا: قصة قوم يونس عليه السلام، بأنهم لما آمنوا
عند المخايل كشف عنهم العذاب، فدل - قطعاً - على أن الآتي به إنما هو
الله الذي آمنوا به، إذ لو كان غيره، لكان إيمانهم به سبحانه موجباً للإيقاع
بهم، ولو عذبوا كغيرهم لقيل: هذه عادة الدهر، كما قالوا:(قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ) .
ودلّ ذلك على أن عذاب غيرهم من الأمم، إنما هو من عند الله لكفرهم، لما اتسق من ذلك طرداً بأحوال سائر الأمم، من أنه كلما وجد الإصرار على التكذيب، وجد العذاب وعكساً: من أنه كلما انتفى في وقت يقبل قبول التوبة، انتفى، والله الموفق.