وروى: أن هذه السورة كانت سبب إسلام عمر رضي الله عنه الذي
وصف في الكتب القديمة بأنه ركن شديد قرن من حديد، ربان الِإسلام، عزَ
به كما يعز الِإنسان بالسلاح من الحديد.
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: منذ أسلم عمر رضي الله عنه، كان
إسلامه فتحاً.
وقد تقدم في سورة طه: أنَّ إسلامه رضي الله عنه، كان سنة ثمان
من النبوة، فهو قبل الهجرة بست أو خمس سنين، إذا ضممتها إلى ثلاث
وعشرين سنة بعد الهجرة، وهي التي كان قتله رضي الله عند انتهائها، كانت
تسعاً - أو ثمانياً - وعشرين سنة، على عدد آي هذه السورة، على الاختلاف المذكور في عددها، وإذ ذاك تناهت قوة الِإسلام، فكان بمنزلة تمام سن الاكتهال، وكان في زمن عثمان رضي الله عنه في مثل سن الوقوف، وحين قتل عثمان رضي الله عنه، أخذ في الضعف.
وروى البيهقي في الدلائل عن عمر رضي الله عنه، أنه قال: أتحبون
أن أعلمكم كيف كان إسلامي؟.
قال: قلنا: نعم. قال كنت من أشد الناس على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبينا أنا في يوم حار شديد الحر بالهاجرة، في بعض طرق
مكة، إذ لقيني رجل من قريش، فقال: أين تريد يا ابن الخطاب؟.
فقلت: أريد التي والتي، قال: عجباً لك يا ابن الخطاب، أنت تزعم أنك. كذلك وقد دخل الأمر في بيتك؟.
قال: قلت: وما ذاك؟. قال: أختك قد أسلمت.
قال: فرجعت مغضباً حتى قرعت الباب، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أسلم الرجل والرجلان ممن لا شيء له، ضمهما إلى الرجل الذي في يده السعة فينالان من طعامه.
وكان قد ضم إلى زوج أختي رجلين، فلما قرعت الباب، قيل: من
هذا؟ قيل: عمر بن الخطاب، فبادروا واختفوا مني، وقد كانوا
يقرأون صحيفة بين أيديهم، تركوها أو نسوها، فقامت أختي تفتح الباب.
فقلت: يا عدوة نفسها أصبوت؟.
وضربتها بشيء في يدي على رأسها