بعده أولى ذالك لقربهم منها. وأتبع ذلك الِإعلام بأنه دعا إلى ذلك الجن
الذين كان سبيلهم فيها سبيل الآدميين، واتِبع ذلك بعد إرسال أول الرسل
بها زماناً، آخرهم وأولهم نبوة، حيث كان نبيا وآدم بين الروح والجسد.
فبدأ في سورة المزمل بنبوته، وزيادة تزكيته وتقديسه ورفعته، والإخبار
عن رسالته، والتحذير من مخالفته، وأتبع ذلك الِإنذار بها، بالصدع
بالرسالة، لمحو كل ضلالة.
فلما تقررت نبوته، وثبتت رسالته، جعل سورة القيامة كلها لها إعلاماً.
بأن الأمر عظيم جداً يجب الاعتناء به، والتأهب له، والاجتهاد بغاية القوة.
وإفراغ الجهد.
أتبع ذلك بذكر الِإنسان دلالة على أنه المقصود بالذات من الأكوان.
فليس من الحكمة أن يجعله سبحانه سدى.
ثم أقسم في المرسلات أن أمرها حق لا بد منه، ثم عجب في "عم"
منهم في تساؤلهم وتعجبهم منها.
ثم أقسم على وقوعها في النازعات، وصور من أمرها وهزا هزها ما
أراد.
ثم أولى ذلك الدلالة في سورة عبس، على أن من الناس من طبع على
قلبه فلا حيلة في تصديقه بها، مع ما تبين بالسورة الماضية، وغيرها من
أمرها.
ثم صورها في كوِّرَتْ، تصويراً صارت به رأى عين، لو كشف الغطاء
ما ازداد الموقنون بها يقيناً.
ثم بين في الانفطار: أن الأمور فيها ليست على منهاج الأمور هنا، بل
الأسباب كلها منقطعة والأسباب مرتفعة، إلا سبباً يدلي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -