أحدها: أَنَّ هذه الصيغةَ وردت حَيثُ صدق فِيهِ الوجوبُ تارةً، وحيث صدق فِيهِ الندبُ أُخْرَى. . ." إلى قوله: "وما به المشاركة" يعني: هو أصلُ الترجِيح "غير ما به المخالفة" يعني: المنع من النَّقِيضَينِ أو عدم المنع.
وقوله: "وهو غير مستلزم له" يعني: لأَنَّ اللفظ إذا كانَ مَدْلُوله المعنى العام، فلا يَدُلُّ على الخاص، لَا مَطَابقةً، ولا تضمنًا، ولا التزامًا؛ فَيَتَعَيَّنُ أَن يكون مقولًا عيه بالتواطؤ، يعني: فيكون مدلولُهُ تَرْجِيحَ جانب الفعل على ما صرح به، وفيه مناقشة؛ فإنَّ القدر المشترك عند الفقهاء هو الطلب، وعند المعتزلة: إرادة المأْمُورِ به، وترجيح الفعل لازِمٌ لأحد الأمرين، فجعله حقيقة في اللازم، لم يقل به أحدٌ من الفريقين.
وقوله: "وَفي هذا المقام إِنْ أَردْنَا نُصْرَةَ مَنْ يقولُ الصيغة محتملة للوجوب، والنَّدْبِ -يعني: بطريق التواطؤ- اكتفينا بهذا القَدْرِ، وإِنْ أردْنا نُصْرَةَ من يقول إِنَّها للندب، قلنا: لما ثبت أَنَّ هذه الصيغةَ دلَّتْ على أصل الرُّجْحانِ، وقد كان جواز الترك ثابتًا بمقتضى البراءة الأصلية، فحينئذٍ يحصُلُ من اللفظ والبراءة الأصلية الإِشعار بالندب".
والاعتراضُ عليه: أَنَّ إِثباتَ اللغة بالاستصحاب العقلي لا يصِحُّ؛ فإنها إِمَّا توقِيفيَّة، أَو اصْطِلاحِيَّة.