للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِذَا لَمْ تُوجَدْ هذِهِ الْقَرِينَةُ، لَمْ يَحْصُلِ الْمُقْتَضِي لِوُجُوبِ التَّكْرَارِ.

وَعَنِ الثَّالِثِ: أَنَّ تَرْكَ التَّكرَارِ قَدْ يَكُونُ أَحْوَطَ؛ فَإِنَّهُ إِذَا قَال السَّيِّدُ لِمَمْلُوكِهِ: "ادْخُلِ الدَّارَ"، فَلَوْ أَنَّهُ أَخَذَ يَدْخُلُ الدَّارَ فِي كُل الأَوقَاتِ، رُبَّمَا اسْتَوْجَبَ اللَّوْمَ؛ وَهذَا الكَلامُ يَصْلُحُ لأن يُسْتَدَلَّ بِهِ فِي أَوَّلِ الْمَسَأَلَةِ.

===

واحتَجَّ الأُسْتاذُ بأَنَّ الشارع إِذا قال: قُمْ، مثلًا, فللصيغة مُقْتضَياتٌ ثلاثةٌ: اعتقادُ الوُجُوبِ، والعَزمُ على الفعل، والعزم على التكرار؛ فكذلك الفِعْلُ.

وأُجِيبَ بأنَّا لا نُسَلِّمُ اقتضاءَ كُل الأوامر كذلك، ولو سلم فبدليلٍ خَارجٍ عن اللفظِ؛ إِمَّا لأنَّ وجوبَ اعتقاده مِنْ قواعد الإِيمان، وهو على التكرار، أو لاسْتحالة العَزمِ عند الذكر عَنِ اعتقادِ الوُجُوبِ؛ أَوْ لَا وُجُوبَ:

والثَّانِي مُمْتَنِعٌ، فيجب الأولُ، وكذلك العَزْمُ، ، وما ذكره منقوضٌ بالأمر المقيد بالمرَّةِ؛ كالحج؛ فإِن وجوبَ الاعتقاد، والعزْم عليه لِلتكرار دُونَ الفعل.

فَرْعٌ على هذه المسألة:

إذا قُلْنا: إِن الأَمر يقتضي التكرارَ، فإِذا عُلِّق على صِفَةٍ؛ كقوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا} [النور ٢]، أو على شرطٍ؛ كقوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة ٦].

قال قومٌ: يقتضي التكرار؛ مُحْتَجِّينَ بمثل هذه الآيةِ؛ فإِنها للتكرار بالإِجْمَاع.

وقال قومٌ: لا يقتضيه؛ مُحْتَجِّينَ بما إذا قال السيِّدُ لعبده: إِذا دخلتَ السُّوقَ فَاشتَرِ اللَّحْمَ؛ فإِنه لا يقتضي التكرار.

والحقُّ أنه لا يقتضيه بحسب الوضْعِ؛ فإِنَّ الصيغةَ لم تُشعِرْ بالتكرار على ما تقرر، والشَّرْطُ إِنما يفيد تعليق ما أشعر اللفظ به.

وكذلك لو قال للمدخُولِ بِهَا: إِنْ دخلتِ الدارَ فأنْتِ طالقٌ- لم يتكرر، والتكرارُ فِيمَا ذكرنا إِنَّما كان مِنْ شرعية القياس الشرعي، وأن الحُكمَ يتكرر بتكرار علته شَرْعًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>