ورد بأن إيجابَ الجميع مخاِلفٌ لصريح النص، ولا يمكن طَردُهُ في جميع الصور؛ فإن من صور التخيير عَقْدَ الإمامة لأحد الشخصين المتساويين، والتزويجَ من أحدِ الكفئين، وطلاقَ أحد الزوجتين، وعِتقَ أحد العبدين.
ويلزم عليه: أنَّ مَنْ وجب عليه إخراجُ مُدٍّ من طعام، وفي ملكه عشرة آلافِ مُدٍّ -وُجُوبُ الجميع، ومَن وجب عليه شراء رقبة، وقَدِرَ على شراء رقاب- يجبُ عليه شراءُ الجميع، وأكثر ذلك خلاف الإجماع.
قالوا: لو صَحَّ التكليف بأحد الفعلين لا بعينه لَصَحَّ تكليفُ أحد الشخصين لا بعينه، وذلك مُحَال، بخلاف تعليق الطلب بأحد الفعلين لا بعينه؛ فإنه جائز؛ لأنه راجع إلى القول النفسي أوِ اللفظي، وكلاهما يتعلَّقُ ولا يؤثر، فلا يَمتَنِعُ تعلُّقُهما بالمطلقات كالعلم، وبالمعين يخرج من عهدة المطلق لاشتماله عليه.
فإن قالوا: الاتفاقُ واقِعٌ على الأحكام، فإنَّا اتفقنا على أنه يَحرُمُ تركُ الجميع، ويكفي الإتيان بواحد، فالخلاف لفظي.
قلنا: قد بَيَّنَّا عَوْدَ الخلاف إلى المعنى، ولَمَّا اعتقد صاحبُ الكتاب أن الخلافَ لفظيٌّ - عَدَلَ عن إبطال هذا المذهب، وعنِ الاحتجاج لأصحابنا.
وأخذ في إبطالِ قولِ مَنْ زعم أن الواجب مُعَيَّنٌ في نفس الأَمر وعند الله تعالى، وغيرُ معين عند المُكَلَّفِ.