للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأعْلَمْ: أَنَّ حَقِيقَةَ الْوَاجِبِ الْمُوَسَّعِ، يَرْجِعُ -عِنْدَ التَّحْقِيقِ- إِلَى الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ؛ فَإِنَّ الشَّارعَ إِذَا قَال: "أَفْعَلْ هَذَا الفِعْلَ: إِمَّا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، أَوْ فِي وَسَطِهِ، أَوْ فِي آخِرِهِ، وَإِذَا لَم يَبْقَ مِنَ الْوَقْتِ إِلَّا قَدْرُ مَا لَا يَفْضُلُ عَلَيهِ، فَافْعَلْهُ لَا مَحَالةَ، وَلَا تَتْرُكْهُ فِي ذلِكَ الْوَقْتِ"؛ فَقَوْلُهُ: "يَجِبُ عَلَيكَ إِيقَاعُ هَذَا الفِعْلِ: إِمَّا فِي هَذَا الْوَقتِ، أَوْ فِي ذلِكَ" - يَجْرِي مَجْرَى قَوْلِنَا فِي الْوَاجِبِ الْمُخَيَّرِ: "إِنَّ الْوَاجِبَ: إِمَّا هَذَا، أَوْ ذَاكَ"؛ وَكمَا أَنَّا نَصِفُهَا

===

وأبي هاشم من المعتزلة.

قوله: "والثاني: أنه لا حاجةَ إلى هذا البَدَلِ، وهو المختارُ" وهذا مذهب بعضِ الفقهاء، واختيارُ أبي الحسين من المعتزلة.

واحتجَّ مَنْ أوجب العزم: بأنه إنما يَتَمَيَّزُ تركُ الواجب في أول الوقت عن تركِ النَّفْلِ- بشرط البدل.

واحتجوا على أن البَدَلَ هو العزم، وعلى وجوبه بما تقدم في مسألة الفور.

ومَنْ لم يوجبه قال: البَدَلُ فِعْلُهُ في الوقت الثاني، والتخييرُ في صُوَرِ الصلاة المنسوبة إلى أول الوقت، ووسطه، وآخره، كالتخيير في تعيين الرقبة.

وقالوا: الواجب المُوَسَّعُ يرجِعُ حاصله إلى الواجب المُخَيَّرِ كما ذُكِرَ.

قال المصنف: "ثم إذا ضاق هذا الوقتُ، ولم يبق إلَّا مقدارُ ما يكونُ مساويًا للفعل- يضيق التكليفُ؛ فهذا هو المختارُ في هذا البابِ، وبه تزول جميع الإشكالاتُ".

ومما أُورِدَ على القول بالمُوَسَّعِ: أن المُكَلَّفَ إذا أَخَّرَ ومات في أثناء الوقت، فهل يَلْقَى الله عاصيًا أوْ لا؟ فإنْ لم يعصِ، لم يبقَ للوجوب معنى معقول، وإنْ عصى فكيف يعصى، وقد فعل ماله أَنْ يفعلَه؟

وأُجِيبَ عنه: باختيار أنه يعصى، وإنما جُوِّزَ له التأخيرُ؛ بشرط سلامة العاقبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>