للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالدَّلِيلُ عَلَيهِ: أَنَّ الأَمْرَ اقْتَضَى إيجَابَ ذلِكَ الفِعْلِ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ [وَ] لَوْ لَمْ يَقْتَضِ إِيجَابَ شَرْطِهِ، لَكَانَ قَدْ كُلِّفَ بِالْفِعْلِ حَال عَدَمِ شَرْطِهِ؛ وَهذَا تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ.

فَإِنْ قِيلَ: لِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَال: إِنَّهُ أَمَرَنَا بِفِعْلٍ بِشَرْطِ حُصُولِ ذلِكَ الشَّرْطِ؛ غَايَةُ مَا فِي البَابِ أَنْ يُقَال: هَذَا عُدُولٌ عَنِ الظَّاهِرِ؛ لأَنَّ اللَّفْظَ يَقْتَضِي إِيجَابَ الْفِعْلِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، فَتَخْصِيصُ الإِيجَابِ بِزَمَانِ حُصُولِ الشَّرْطِ- خِلافُ الظَّاهِرِ؛ إِلَّا أَنَّا نَقُولُ: هَذَا لازِمٌ عَلَيكُمْ؛ لأَنَّ اللَّفْظَ اقْتَضَى إِيجَابَ ذلِكَ الفِعْلِ، وَلَمْ يَقْتَضِ إِيجَابَ شَرْطِهِ، فَإِيجَابُ ذلِكَ الشَّرْطِ عُدُولٌ عَنِ الظَّاهِرِ؛ فَلِمَ كَانَ مُخَالفَةُ الدَّلِيلِ مِنْ أَحَدِ الْوَجْهَينِ أَوْلَى مِنْ مُخَالفَتِهِ مِنَ الْوَجْهِ الثَّانِي؟ !

الْجَوَابُ: أَنَّ مُخَالفَةَ الظَّاهِرِ إِثْبَاتُ مَا يَنْفِيهِ اللَّفْظُ، أَوْ نَفْيُ مَا يُثْبِتُهُ اللَّفْظُ.

===

أحدها: ما يكون رُكْنًا فيه، ولا خلافَ أن الأمر بالشيء أمر بجميع أركانه.

الثاني: ما هو خارج عنه، ومنه شرعيٌّ، وعقليٌّ، وعادِيٌّ:

أما الشرعي: [فـ] كاشْتِرَاط الطهارة؛ لقوله -عليه الصلاة والسلام-: "لَا صَلاةَ إِلَّا بِطُهُورٍ"؛ فالأمر بالصلاةِ أَمْرٌ بها.

وأما العقليُّ: فما يتوقف عليه عقلًا، كالانكفاف عن الضد حال فعل ضده.

وأما العادي: فما يتوقف عليه عادةً؛ كإمساك جزء من الليل لوجوب إمساك اليوم، وهما مَحَلُّ النزاع، ولا شك في وجوبهما عقلًا، أو عادةً، وإنما النزاع في وجوبهما شرعًا لوجوبِ مُسْتَلْزِمِهِمَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>