الأَولُ: أن اللفْظَ العام عِبَارَةٌ عَنِ اللفْظِ الذِي يَتَنَاوَلُ الصوَرَ الْكَثِيرَةَ، فَنَقُولُ: إِما أَلا يَتَوَقفَ كَوْنُهُ حُجةً فِي شَيء مِنْ تِلْكَ الصُّوَرِ عَلَى كَوْنِهِ حُجة فِي الأُخْرَى، أَوْ يَتَوقفَ:
فَإنْ تَوقَّفَ: فَإِما أن يَحْصُلَ هذَا التوَقُّفُ مِنَ الْجَانِبَينِ، وَإِما أن يَحْصُلَ مِنْ أَحَدِ الْجَانِبَينِ دُونَ الثانِي:
وَالأَولُ: هُوَ الْمَطْلُوب.
وَالثانِي: يُوجِبُ الدَّوْرُ.
وَالثالِثُ: يُوجِبُ الرجحَانَ مِن غَيرِ مرجح؛ وَهُوَ مُحَال.
===
بالتخصيصِ، فيبقى أنْ يُرَادَ به البَعضُ، وليس بَعْض أولى من بَعْض، فيتعارَضُ فيه جِهَاتُ المجاز؛ فيصير مُجمَلًا.
وقال عيسى بنُ أبان: إنْ خُص بدليل مُتصِل، جاز الاحتجاجُ به؛ لأنه لم يتناول بأصلِ وضعه سوى المخصوصِ.
وإن خُص بدليل منفصل، صار مجملًا.
وصار الفقهاءُ إلى أنه حُجة مُطلَقًا إذا خُص بمعلوم، ومُعتَمَدُهُم: ما ذكره من الحُجة الثانية، والثالثة.
قوله: "وَيدل عليه وُجُوهٌ: الأَولُ: أن اللفظَ العام عبارَة عن اللفظ الذي يتناول الصور الكثيرة".
لا يُرِيدُ أَن هذا تمامُ حَد "العَام"؛ فإنه يدخلُ فيه العَدَدُ، بل يعني: أن العام من شَأنِهِ أن يكونَ كذلك.
قوله: "فنقول: إما ألا يتوقف كونه حجة في شيء من تلك الصور على كونه حجة في الأخرى وإما أن يحصل هذا التوقف من الجانبين. وإما أن يحصل عن أحد الجانبين دون الثاني. والأول هو المطلوب، والثاني يوجب الدور، والثالث يوجب الرجحان بلا مرجح".
يعني: أنه إذا لم يَتَوَقَّف كونُهُ حُجة في شيء من تلك الصوَرِ على كونِهِ حُجة في الأُخرَى -فالفَائِتُ بالتخصيص ليس بشرط في دَلالتِهِ، وفَوَاتُ ما ليس بشرطِ في الدَّلالةِ- لا يَقدَحُ فيها.
قوله في الثالث: إن التوقف من أحد الجانبين ترجيح من غير مُرَجِّحٍ: