للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمَّا بَيَانُ الأَوَّلِ: [فَـ] هُوَ أَنَّهُ أَخبَرَ عَنْ ثُبُوتِ الحُكمِ فِي كُلِّ تِلكَ الجُمَلِ، وَأخبَارُ الشَّرعِ حَقٌّ وَصِدْقٌ.

===

نَهيِيَّةٌ {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور ٤]: هذه جملة خَبَرِيَّةٌ:

ولم يَعُدِ الاستثناءُ إلى الأُولَى بالإِجماعِ؛ لأنَّ الجَلْدَ حَقٌّ آدَمِيٌّ لا يَسْقُطُ بالتوبة، ويَعَودُ إِلَى الأخيرة بالاتفاقِ.

وقال الشافعيُّ: ويعود أيضًا إلى الثانية؛ فَتُقْبَلُ شهادَتُه إِذا تاب التَّوْبَةَ المُعْتَبَرَةَ.

ومنع أبو حنيفة: عَوْدَه إلى الثانية.

وقال القاضي: في قوله تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيطَانَ إلا قَلِيلًا} [النساء: ٨٣]- إنه يُمْكِنُ عَوْدُهُ إلى الجملةِ الأخيرةِ؛ لأن مَنْ لم يُصِبهُ فَضْلُ الله، فلا بُدَّ أنَّ يكونَ مُتَّبِعًا للشيطان، فيعودُ إلى الأَوَّلِ، فيكون تقديرُهُ: لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يستنبطونه منه إلَّا قليلًا.

وما ذكره مُحْتَمَل، ويمكنُ عَوْدُهُ إلى الجملة الأخيرة، على معنى. ولولا فضلُ الله عليكم ورحمته ببعثَةِ محمد - صلى الله عليه وسلم - لاتَّبَعْتُمُ الشيطانَ؛ لعدمِ التوفيقِ إلى الإيمانِ إلَّا قليلًا؛ كقس بن ساعدةَ، وأويس القرني، وأمثالهما.

وإنما اختلفوا في الظهور عند عدم القرائن:

فقال الشافعي: إنه ظاهِرٌ في التعميم.

وقال أبو حنيفةَ: إنَّهُ ظَاهِرٌ في الاختصاصِ بالأخيرة، وهو اختيارُ الفَخْرِ.

وقال المرتضى من الشيعة بالوقفِ بالاشتراك.

وقال القاضي والغزاليُّ بالوقف بلا أدري.

وقال أبو الحسين البَصْرِيُّ: إنْ يَتَبَيَّنِ استقلالُ الأُولَى عنِ الثانية -باختلافِ نوعها، أو تبايُنِ جزئيها- فَإِلَى الأخيرةِ، وإلَّا فإلى الجميع.

<<  <  ج: ص:  >  >>