للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَفْهُومُ مِنَ الْخِطَابِ، وَهذَا الْمَعْنَى حَاصِل عِنْدَ سَمَاعِ اللفْظِ الْمُشتَرَكِ؛ لأنهُ وُضِعَ لإِفَادَةِ أَحَدِ هَذَينِ الْمَعنَيَينِ، فَالسامِعُ فَهِمَ مِنْهُ هذَا القَدْرَ، وَهذَا الْقَدرُ مِنَ الْمَصْلَحَةِ يَقتَضِي تَعْرِيفَهُ، وَذلِكَ بِخِلافِ الْعَرَبِي إِذَا خُوطِبَ بِالزنجيةِ؛ فَإِنّهُ لَا يَفْهَمُ مِنْ ذلِكَ الخِطَابِ مَا هُوَ مَوْضُوعٌ بِإِزَائِهِ؛ فَظَهر الْفَرقُ.

===

ومِما يَلْحَقُ بهذا البابِ:

أنه يجوزُ البيانُ بِكل دَلِيل عَقلِيٍّ، أو سَمعِيٍّ، أو حسي، أو عُرفِي، أو قرينةِ حالٍ أو فعلٍ، لكن يُشتَرَطُ في الفعل ما يُشعِرُ بكونه بيانًا من قرينة قولية، أو حالية.

ومن المَشهُورِ بين الفقهاء: أَن بيانَ الواجب واجِبٌ، وبيان المندوبِ مندوب، وهذا ليس على إطلاقِهِ؛ بل قد يكونُ بيانُ المندوبِ واجبًا على الرسُولِ؛ تبليغًا كما يجب عليه بيانُ المُبَاحِ.

ومن تمام الباب:

التنبِيهُ على أمورٍ ظَنَّ قومٌ أنها مُجْمَلَةٌ، وليست مُجْمَلَةً:

منها: قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: ٢٣].

قال الكَرخِي: هي مُجْمَلَةٌ؛ لأنه أضاف التحريمَ إلى الذاتِ، وليست مُرَادَة؛ وإنما يُحَرمُ الفِعْلُ، والأفعالُ كثيرة، وليس إِضمارُ بعضِ بأولَى من بَعضٍ.

وجوابُهُ: أن العُرفَ يُعَيِّنُهُ؛ فَإِن التحريمَ إِذا أُضِيفَ إلى النساءِ، فُهِمَ منه تحريمُ الاستمتاع عرفًا، وإذا أُضِيفَ إلى الطعام والشرابِ، فُهِمَ منه تحريمُ التناوُلِ عرفًا.

ومن ذلك قوله -عليه الصلاة والسلام -: "لا عمَلَ إلا بِنِية" وقوله -عليه الصلاة

<<  <  ج: ص:  >  >>