فَيَقتَضِي تَعطِيل النَّصّ، أَوْ يُحمَلَ عَلَى الكُلِّ إلا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ؛ وَهُوَ المَطلُوبُ.
وَأَيضًا: الأَمرُ الوَارِدُ عَقِيبَ الوَصفِ المُناسِب يَقتَضِي كَونَهُ مُعَلَّلًا بِهِ، وَمُتَابَعَتُهُ فِي الأَفعَالِ وَالتُّرُوكِ يَقتَضِي صُدُورَ الأَفعَالِ الشَّرعِيَّةِ وَالتُّرُوكِ الشَّرعِيَّةِ عَنِ المُكَلَّفِ؛ وَذلِكَ مُنَاسِبٌ لِلأَمرِ بِهِ، وإذَا كَانَ كَذلِكَ كَانَ يَقتَضِي هذَا التَّكلِيفُ نَفسَ مُتَابَعَتِهِ؛ فَوَجَبَ أَن يَعُمُّ هذَا الحُكمُ.
الثَّانِي: قَوْلُهُ تَعَالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: ٣١]؛ دَلَّتِ الآيَةُ عَلَى أَنَّ مُتَابَعَةَ الرَّسُولِ مِن لَوَازِمِ مَحَبَّةِ الله تَعَالى، ثُمَّ إِنَّ مَحَبَّةَ الله تَعَالى لازِمَة وَاجِبَةٌ بِالإِجمَاعِ، وَلازِمُ الوَاجِبِ وَاجِبٌ؛ فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ مُتَابَعَةُ الرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم - وَاجِبَة.
الثَّالِثُ: قَوْلُهُ تَعَالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} [الأحزاب: ٢١] وَهذَا الكَلامُ يَجرِي مَجْرَى الوَعِيدِ لِمَنْ تَرَكَ التَّأسِّيَ بِهِ، وَلَا مَعنَى لِلَتَّأسِّي بِهِ، إلا أَن يَأتِيَ الإنسَانُ بِمِثلِ مَا أَتَى بِهِ فِي الفِعلِ وَالتَّركِ.
===
والاعتراضُ عليه أن المُطلَقَ إنَّما يَدُلُّ على فرد شائع.
وقوله: "إنه يلزم من عَدَمِ التعميم الترجيحُ بلا مُرَجِّح، أو تعطيلُ اللَّفظِ"- غَيرُ لازِم؛ لعدم الحَصرِ فيهما، لإمكانِ قِسم ثالث، وهو تحصيلُ المُطلَقِ بإيقاعِ مُسَمَّاهُ كما في سَائِرِ المُطلَقَاتِ.
كيف، والمُطلَقُ يكفي العملُ به في صورة، وقد أَجمعنا على وجوب المتابعة في المعلوم وَصفُهُ، وأصل الدِّينِ؟ !
قوله: "وأيضًا الأمر الوارد عَقِيبَ الوَصفِ المُنَاسِبِ يقتضي كونه مُعَلَّلًا به ومتابعته في الأفعال، والتروك ... " إلى آخره.
حَاصِلُهُ: التعميمُ بطريقِ القِيَاسِ والمعنى، والجامع: أَنَّ وجوبَ مُتَابَعَتِهِ في صورة ما؛ إِنما كان توقيرًا له وتعظيمًا، وهذا موجودٌ في سائِرِ الأفعالِ؛ فَوَجَبَ التعميم.
واعتُرِضَ عليه في المناسبة: بِأنا لا نسَلِّمُ أَنَّ مُتَابَعَةَ العَبدِ لِسَيِّدِهِ في جميع أَفعَالِهِ، مثلُ أَن بَجلِسَ إِذا جَلَس، ويركَبَ إِذا رَكبَ، وَيَأكُلَ إِذا أكل- تكون توقيرًا وتعظيمًا.
قوله: "الثَّاني: قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: ٣١] ... " إلى آخره:
يقال بِمُوجَبِهِ: فَإنَّ المُتَابَعَةَ هي الإِتيانُ به على الصِّفَةِ التِي أتَى بها: إِن وجوبًا فوجوبٌ، وإن ندبًا فندبٌ، وإن إِباحة فإباحة، وذلك في المَعرُوفِ الصِّفَةِ، ونَحنُ نقولُ به، والنزاع في الفعل المُجَرَّدِ.
قوله: "الثالث: قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} [الأحزاب: ٢١] وهذا يَجرِي مَجْرَى الوعيد لِمَنْ تَرَكَ التَّأسِّيَ، ولا معنى لِلتَّأسي إلا