للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأَوَّلُ: أَنَّ السُنَّةَ عِبَارَة عَنِ "الطَّرِيقَةِ" وَهِيَ تَتَنَاوَلُ: الفِعْلَ وَالْقَوْلَ وَالتَّرْكَ، وَقَوْلُهُ -عَلَيهِ السَّلَامُ-: "عَلَيكُمْ" للْوُجُوبِ؛ وَهذَا يَدُل عَلَى وُجُوبِ مُتَابَعَتِهِ في افْعَالِهِ وَأَقْوَالِهِ وَتُرُوكِهِ.

وَالثَّانِي: قَوْلُهُ -عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-: "عَضُّوا عَلَيهَا بِالنَّوَاجِذِ"؛ وَذلِكَ تَأكِيدٌ عَظِيمٌ لِلأَمْرِ بِهِ.

وَالثَّالِثُ: قَوْلُهُ -عَلَيهِ السَّلَامُ-: "إِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ" لَا يُرِيدُ بِهِ كُلَّ مَا حَدَثَ بَعْدَ مَا لَمْ يَكُنْ؛ فَإنَّ جَمِيعَ الأَفْعَالِ هَكَذَا، بَلِ الْمُرَادُ مِنْهُ: مَا يَأتِي بِهِ الإِنْسَانُ مَعَ أَنَّهُ -عَلَيهِ السَّلَامُ- لَمْ يَأْتِ بِمِثلِهِ، وَذلِكَ مُتَنَاولَ لِلْفِعْلِ وَالتَّرْكِ؛ فَكُلُّ مَا فَعَلَهُ الرَّسُولُ -عَلَيهِ السَّلَامُ- كَانَ تَرْكُهُ بِدْعَة، وَكُلَّ مَا تَرَكَهُ الرَّسُولُ -عَلَيهِ السَّلَامُ- كَانَ فِعْلُهُ بِدْعَةٍ.

فَلَمَّا حَكَمَ عَلَى البِدْعَةِ بِأنَّها ضَلَالةَ؛ عَلِلْنَا بِأَنَّ مُتَابَعَةَ الرَّسُولِ - عَلَيهِ السَّلَامُ - في كُلِّ الأُمُورِ وَاجِبَةٌ؛ إِلا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ.

الحَادِيَ عَشَرَ: قَوْلُهُ - عَلَيهِ السَّلَامُ -: "مَنْ تَرَكَ سُنَّتِي، فَلَيسَ مِنِّي" وَالسُنَّةُ: الطَّرِيقَةُ؛ فَكَانَ ذلِكَ مُتَنَاولًا لِلأَقوَالِ، وَالأَفْعَالِ، وَالتُّرُوكِ.

الثَّانِيَ عَشَرَ: أَنَّهُ قَال - عَلَيهِ السَّلَامُ -: "إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَفَرَّقَت عَلَى اثْنَتَينِ وَسَبعِينَ فِرْقَة، وَسَتَفتَرِقُ أُمتِي عَلَى ثَلَاث وَسَبْعِينَ فِرْقَة كُلُّهُمْ فِي النَّارِ إلا فِرْقَةً وَاحِدَةً"، فَقَالُوا: وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ الله؟ قَال: "مَا أَنَا عَلَيهِ وَأَصْحَابِي".

وَالاسْتِدْلَالُ بِهِ: أَنَّ قَوْلَهُ - عَلَيهِ السَّلَامُ -: "مَا أَنَا عَلَيهِ وَأَصْحَابِي" يَتَنَاوَلُ الأَقْوَال، وَالأَفْعَال، وَالتُّروكَ.

الثَّالِثَ عَشَرَ: قَوْلُهُ - عَلَيهِ السَّلَامُ -: "لَا يُؤمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ" وَمَنْ تَرَكَ فِعْلًا فَعَلَهُ الرَّسُولُ - عَلَيهِ السَّلَامُ - لَمْ يَكُنْ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ؛ فَوَجَبَ أَنْ يَدْخُلَ تَحْتَ هذَا الْوَعِيدِ.

الرَّابِعَ عَشَرَ: قَوْلُهُ - عَلَيهِ السَّلَامُ -: "إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ إِمَامًا لِيُؤتَمْ بِهِ؛ فَلَا تَخْتَلِفُوا

===

قوله: "الرابع عشر قوله -عليه الصلاة والسلام-: "إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤتَمَّ بِهِ، فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيهِ؛ فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا" دَلَّ الحديثُ: على أنهُ يجبُ على كُلِّ قومٍ أَنْ يأتوا

<<  <  ج: ص:  >  >>