لجَوَازِ الإخبَارِ به عن نِسيانٍ، أو خَطَأٍ في اجتهاد بعد بَذلِ الوُسْعِ فيه؛ فلا يَستَحِق الذمَّ؛ لقوله تعالى:{وَلَيسَ عَلَيكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ}[الأحزاب: ٥]، ولقوله - عليه السلام -: "رُفِعَ عَن أُمتِي الخَطَأُ وَالنسيَانُ"، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إِذَا اجتَهَدَ الحَاكِمُ وَأَخطَأ - فَلَهُ أَجرٌ، وإِن أَصَابَ، فَلَهُ أَجرَانِ".
وإن عنيت به الثاني، فلا نسلم أن كُل مَنْ قَال قَولا لَيس بِحَق يكون كَاذِبًا؛ لِجَوَازِ إِخبَارِهِ لا عن اعْتِقَادِه، والحَاصِلُ أن هَاتَينِ المُقَدمَتَينِ لا تَجتَمِعَانِ على الصّدقِ.
سلمنا أنه يكون كَاذِبًا، وأن الكَاذِبَ يَستَحِق الذم، لكن لِمَ قُلتُم: إن ذلك يَخْرِمُ العَدَالةَ مُطْلَقًا؛ وظاهر أنه لا يَخْرِمُ؛ لجواز أن تكون المُخَالفَةُ صَغِيَرَةَ، والصغيرة لا تَخْرِمُ العدالة، إلا مع الإِصرَارِ، أو تكونُ مما يَتضَمنُ خَسَاسَةَ النفْسِ، وَدَنَاءَةَ الهِمَّةِ؛ كَتَطْفِيفِ حَبةٍ أو اختزان كسرة وهذا معنى سؤاله.