مُخَالِفٍ" - غير مسلم؛ فلعل مخالفًا خَالفَ ومُنْكِرًا أنكر، ولم يُنْقَل إلينا.
الثاني: أنكم أَثبَتُّمُ الإِجْمَاعَ بالإجماع، والشيء لا يَصِحُّ أن يكون دَلِيلَ نَفْسِهِ، ولا دليل دليل نَفْسِهِ.
والثالث: التأويل بِحَمْلِ الضَّلَالةِ على الكفر، فهذا وَجْهُ تَقرِيرِ هذه الحُجَّة، والاعْتَراضِ عليها.
وأما المُصَنِّفُ فقال: "ولقَائِل أن يقول: هذا خَبَرُ وَاحِدٍ، فلا يُفيدُ العِلْمَ، والمسألة مسألة علمية. فإن قَالُوا: الأَحَادِيثُ كَثِيرَة في هذا البَابِ، وهي بِأَسْرِهَا دَالَّة على أن الإِجْمَاعَ حُجَّةٌ، كالأخبار الواردة في شَجَاعَة عَلِيٍّ، وسخاء حَاتِمٍ، فنقول: إما أن يَكُونَ القَدْرُ المشترك كَوْنَ الإِجْمَاعَ حُجَّةٌ، أو شيئًا يلزم منه كَوْنُ الإِجْمَاعَ حُجَّةٌ، أو لا ذَا ولا ذَا:
فإن كان الأَوَّل، وَجَبَ أن يَحْصُلَ التَّوَاتُرُ فِي أَنَّ الإِجْمَاعَ حُجَّةٌ، وهذا بَاطِلٌ؛ لأن المُخَالِفِينَ نَازَعُوا فيه، والموافقين إنما أَثبَتُوا كَوْنَ الإِجْمَاعَ حُجَّةٌ بالدليل، فلو حصل النَّقلُ المُتَوَاتِرُ، كان ذلِكَ بَاطِلًا، وبهذا الحرفِية يظهر الفَرْقُ بين هذه الأَخبَارِ، وبين الأَخبَارِ الوَارِدَة في شجاعة عَليٍّ، وسخاء حاتم.
وإن كان القَدْرُ المُشْتَركُ شَيئًا يلزم منه كَوْنُ الإجْمَاع حُجَّةٌ - فلا بد من الإشارة إليه؛ ليعرف أنَّه حَقٌّ، أو باطل.
وأما الثالث فظاهر البُطلَانِ.
قال: سلَّمْنَا صِحَّةَ الخبَرِ، لكن الضَّلَالة: الباطل الَّذي يَعْظُمُ بطلانه؛ فلا يَلْزَمُ من نَفْي الباطل المكيف بكيفية العظم نفى أصل الباطل، والله أعلم.
والجَوَابُ:
قوله:"إنْ مِثْلَ هذَا العَدَدِ لا تحيل العَادَةُ اجْتِمَاعَهُمْ على الكَذِبِ، فلا يكون عدد التواتر":
قلنا: الحَقُّ أن عَدَدَ التَّوَاترِ لا ينضبط بكمية مَعْلُومَةٍ لنا، ولا ضابط له سوى كَوْنِه بحال يفيد العلم بمخبره، وللقرائن فيه مدخل عظيم؛ فَتَختَلِفُ باختلَافِ المُخبِرِبنَ والمُخبَرِ عنه. وعلى هذا، فاتفاق جَمَاعَةٍ من أَجِلَّاءِ الصَّحَابَةِ؛ كعمر، وابن عمر، وأبي سعيد، وابن مَسْعودٍ، وأبي