وهذه الأَسْئِلَةُ وَاضِحَةُ التقرير، وإنما ذَكَرْنَاهَا لإِكْمَالِ البَحْثِ في تحقيق أَجْوبَتِهِا إن شاء اللهُ تعالى.
قوله:"وَالجَوَابُ عن الأَوْلِ: أن مَعْرِفَةَ جَمِيعِ الأُمَّةِ كانت مُمْكِنَةً في زَمَنِ الصَّحَابَةِ؛ ولهذا قال أَهْلُ الظَّاهر: إنه لا يُمْكنُ حُصُولُ الإِجْمَاعِ، إلا في ذلِكَ الزَّمَانِ":
والحق أننا لا نُنْكِرُ عُسْرَ الاطِّلاعِ عليه مع اتِّسَاعِ الخطة، لكنا مع ذلك نَعْلَمُ اتِّفَاقَ الأُمَّةِ في كل عَصْرٍ على أن الصُّبْحَ رَكْعَتَانِ، والمغرب ثلاث، وعلى تَقْدِيمِ النص المَقْطُوعِ به من الطَّرَفَينِ على المَظْنُونِ، كما أَجْمَعَ الصحابة على جَمْعِ القرآن، وتدوين الجَيشِ، وأجمع السَّلَفُ في كل عَصْرٍ على جَوَازِ تَدْوينِ مَسَائِلِ الفِقْهِ، وَجَمْعِ الأَحَادِيثِ.
قوله:"وهذا هو المُخْتَارُ عِنْدَنَا":
إن عنى به أن أَدِلَّةَ الإِجْمَاع قاصرة على عَصْرِ الصَّحَابَةِ؛ كما زعم أَهْلُ الظَّاهِرِ؛ بِنَاءً على أن المُؤْمِنِينَ في الآية حَقِيقَةٌ تَتَنَاوَلُ الموجودينَ، وأن الخِطَابَ خِطَابُ مُوَاجَهَةٍ - فقد بَيَّنَّا أَنَّ الآيَة عَامَّةٌ، وإن عسر الاطلاع، مع أنَّه لو وَقَفَ عليه، لكان حُجَّةً في نَفْسِ الأَمْرِ، فالأمر كذلك.