للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَذهَبُ الجمهُور: أنَّ العَمَلَ بِهِ وَاجِبٌ في الجُملَةِ خِلافًا لِقَوْمٍ.

===

وأنكره الإِمَامُ والغزالي، وقالا: ما لم يَتَوَاتَر، فيتصور فيه التوَاطُؤُ والغَلَط, وهذا منهما نِزَاعٌ في تَصَوُّرِهِ, والحق أنه لا يَمتَنِعُ تَصَورهُ في بعض الوَقَائِعِ، وإذا قيدوا المُتَوَاتِرَ بما أَفَادَ العِلمَ الضروري- بَقِيَ بَعضُ الصور التي يَحْصُلُ العلم بِصِدقِ خبرهم نظرًا؛ فيحتاج إلى تَميِيزِهِ باسم.

ومن الناس من قَال: المستفيض ما زاد ناقلوه على ثلاثة.

ومنهم من قال: المستفِيضُ ما يَعدهُ الناسُ شَائِعًا، وهؤلاء خَصوا بعض الآحَادِ باسم؛ لاشتماله على مَزِية, فالنزاع معهم يكون لفظيًّا.

قوله: "ومَذهَبُ الجمهور: أن العَمَلَ به وَاجِب في الجملة" يعني: بشرائط يأتي ذِكرُهَا، وإن اختلفوا في تفاصيل.

قوله: "خلافًا لقوم" , وعلى الجملة فقد اختلف الناس في جَوَازِ التَّعَبُّدِ به عَقلًا، فجوزه الجمهور، ومنعه قوم, والمُجوِّزونَ اختَلَفُوا في وقُوعِ التعَبدِ به شَرعا, والمُثبِتُونَ لذلك اتفَقُوا على دلالة السمع عليه. واختَلَفُوا في دَلالةِ العَقل: فذهب ابن سرَيج، والقَفالُ، وأبو الحسين إلى ذلك.

وأما المانعون له عَقلا، فَبَعضُ المبتدعة.

وأما المنكرون لوقوعه شَرعا، فقد اختَلَفوا: فمنهم من قال: لا دَلِيلَ عَلَيهِ, ومنهم من منعه سَمعًا، ويعزى إلى القاشاني، والنفرواني، وأبي بكر بن داودَ مِنَ الظاهِرِيةِ، وبَعضِ الشِّيعَةِ, وساعد الجميع على العَمَلِ بِقَوْلِ المُفتي، والشاهد، وعلى العمل به في الأُمُورِ الدنيوية.

وغلا قَومٌ من المحدثين، فقالوا: يفيد العِلمَ والعمل, وهؤلاء إن أَرَادُوا بالعِلم اليقين، فلا يخفى سُقُوطُهُ؛ فإن الوَاحِدَ يجوز عليه الخَطَأُ، والكَذِبُ. وإن أَطلَقُوا اسم العِلم على الظنِّ فَمَجَازٌ بَعِيدٌ, والمشهور في الاستعمال عكسه؛ قال الله تعالى: {وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إلا إِلَيهِ} [التوبة: ١١٨].

ولا حُجَّةَ لهم في قَوْلِهِ تعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} [الممتحنة: ١٠] فإنه يحتمل علمتم بِنُطقِهن

<<  <  ج: ص:  >  >>