قوله:"واعلم أن هذا الكَلامَ دَلِيلٌ عَوَّلَ عَلَيهِ الأُصُولِيونَ في إثبَاتِ خَبَرِ الوَاحِدِ، وفي إثبات القِيَاسِ، وجَوَازِ تَخصِيصِ عُمُومِ القرآن بخبر الوَاحِدِ، وبالقياس، وفي إثبات أن العَام المَخصُوصَ حُجة، وفي إثبات أن المَرَاسِيلَ حُجةٌ، وكان النصف من مسائل الأصول متفرعًا على هذا الدَّلِيلِ، فنقول: لا نُسَلِّمُ أن بَعضَ الصحَابَةِ عمل على وَفقِ خَبَرِ الوَاحِدِ ... " إلى آخر الأسئلة:
اعلم أنه لَا شَك في اعتِمَادِهِم على ما ذكر، إلا أن تَقرِيرَ الإِجماعِ في بَعضِ هذه المَسَائِلِ قَطعِي، وبعضه ظَنِّيٌّ، والظني متفاوت؛ فإنه في بَعضِهَا أَقوَى من بَعض، فإن العمل بالمَراسِيلِ لم يُنقَل عَن عَدَدٍ كَثِير، ولا تَكَررَ، وَلَا شَاعَ شُيُوعَ العَمَلِ بخبر الواحد، والقياسِ، وأما التخصيص بهما والتمَسكُ بالعَام المَخصُوصِ- فمتوسط.
وحاصل الأسئلة عليه من أوجه:
الأول: مَنعُ بُلُوغِ الرِّوَايَاتِ إلى حَدِّ التوَاتُرِ، والآحَاد لا تكفي؛ فإنه إِثبَاتُ الشيءِ بنفسه.
الثاني: منع أنهم عَمِلُوا على وَفقِ الروَايَاتِ لأجلها، بل جَازَ أنهم إنما عَملُوا؛ لأَنهم تَذَكرُوا عند سمَاعِهَا دليلًا آخَرَ.