للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

الرَّابعُ: استعماله لفظة "أَوْ"، وهي ظاهرةٌ في الشك المنافِي للبَيَانِ.

الخَامِسُ: أنَّه قاصِرٌ؛ لخروجِ الفَاسِدِ مِنْه.

والجوابُ عن الأوَّل: أنَّا لا نعني بالحَمْل مجرَّدَ ثبوته أو نفيه في الفَرْع؛ ليكون تكرارًا، وإنَّما نعني به ثبوتَهُ في الفَرْعِ أو نفيَهُ تَبَعًا لثبوتِهِ في الأصل أو نَفْيِهِ، ولا يتميَّز حكم الفرع عن حكم الأَصْل إِلا بذلك؛ فاستعمالُ لفْظِ "الحَمْلِ" فيه مِنْ أَرْشَقِ العباراتِ وأَحْسَن البلاغَات؛ فكيف يُعَدُّ استدرَاكًا؟ !

وعن الثاني: أن ثبوته لَهُمَا معًا بصِفة الجمعيَّةِ من أَثَر القياسِ.

وقولُهُ: "إنه يشعر باتِّحاد حُكْمِ الأصْلِ والفَرْعِ، وإِنَّه محالٌ بالوجوه المذكورة":

قلْنا: المرادُ: اتحادُهُما بالنَّوْعِ والحقيقة، لا بالشخص، وجميعُ ما مَيَّز به أمورٌ عرضيَّةٌ معتبرةٌ في التشخيصِ.

وعن الثالث: أنَّ إثباتَ الصفَةِ بالقِيَاسِ نوْعٌ منَ الحكم.

وقولهم: "فيستغني عن تفصيل الجَامِعِ":

قلنا: الحقُّ أنَّه مستغنى عَنْه، وإنما ذَكَرهُ القاضِي -رحمه الله- لِوَجْهَينِ:

الأَوَّل: للتفهيمِ لا للتَّتْميمِ؛ وذلك شأْنُ مَنْ يريد الإفادة والتعليم.

الثاني: أنَّ في ذلك إشارة إلى أمورٍ وقَعَ الخلافُ فيها بَينَ القائِسِينَ؛ فَنَبَّهَ على مَذهبه فيها وما هو الحقُّ فِيهَا؛ مِنْ ذلك التعليل بالأحكامِ الشرعيَّةِ؛ فأشار إِلى أنَّه يصحُّ، ومِنْ ذلك التعليلُ بالعَدَم؛ فأشار إلى أنه يصحُّ الجمْعُ به، وإِنِ امتنعَ الجَمْع به في قياسِ المعْنَى، فلا يمتنعُ في قيَاسِ الدَّلالةِ؛ فإنَّ القياس جنْسٌ يتنوَّع إلى: قياسِ عِلَّةٍ، وقياسِ دَلالةٍ؛ فإنه لا يخلُو: إما أن يَجْمَعَ القائِسُ بعَين العلَّة أو بلازِمِها، والأوَّل: قياسُ العلَّة، والثاني: قياسُ الدلالة.

ثم قياسُ العلَّة ينقسمُ إِلَى: قياسِ المَعْنَى والإِخَالةِ، وإلى القياسِ في معنَى الأَصْلِ، وإلى قياسِ الشَّبَهِ، وعند بعضِهِمْ قياسُ السَّبْر والطَّرْدِ؛ على ما سيأتي، إن شاء الله تعالى.

وعن الرَّابعِ: أنَّه الثابتُ عَلَى أحَدِ الوُجوه المذكُورةِ، وأَحَدُ الوجوهِ المذكَورة بما هو أحد الوجوه أمر واحدٌ، وأن المذكور رَسْمٌ، وكونُ الشَّيءِ ملزومًا لأَحَدِ الشيئَينِ أو الأَشيَاءِ خاصَّةً يصحُّ التمييزُ بها.

وعن الخامِسِ: أنَّ مَنِ اعتَقَدَ أَنَّ كلَّ مجتهدٍ مصيبٌ، فهو عنده لَا يَحْتَاجُ إلى مَزِيدٍ، وإن اعتقَدَ أنَّ المصيب واحدٌ، فلا بُدَّ أن يزيد فيه "فِي ظَنِّ المُجْتَهِدِ".

وأمَّا ما ذكره المصنف في الحَدِّ، وهو: "إثباتُ حُكمِ صورةٍ في صُورَةٍ أُخرَى؛ لاشتراكهما في علَّةِ الحُكم عنْدَ المُثبِتِ"، أو قَوْلُ من قال: "إِنه إثباتُ مِثْلِ حُكْمٍ مَعْلُومٍ في معلومٍ آخَرَ؛ لاشتباهِهِمَا في علَّةِ الحُكْمِ عند المُثْبِتِ" وَإِنِ احْتَرَزَ عن الأسئلة الواردة عَلَى القاضِي، إلا أنه يحتاج في تعميمه في النفْيِ إلى غَايَةٍ في حمل الإِثباتِ على الحُصُولِ الذِّهْنِيِّ، مع أنه قاصِرٌ لا

<<  <  ج: ص:  >  >>