للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

يَدْخُلُ فيه قياسُ الدَّلالة إذا عَيَّنا الجامِعَ بالعلَّة.

وأَوْرَدُوا علَيهِ: أَنَّه يُشكلُ بقياسِ العَكْس والتلَازُمِ والاقترانِ، والجميعُ غير وارد:

أما قياسُ العَكسِ، فلا بُدَّ من فهمه أوَّلًا، فَاعْلَمْ أنَّ القياسَ ينقسِمُ إلى قيَاس طَرْدٍ، وقياسِ عَكْسٍ:

فقياسُ الطَّرْدِ: أن يُعَيَّنَ القائِسُ علَّيَّةَ الأَصْل المجمَع علَيه، ويُحَقِّقَ علَّتَهَا بطريقٍ ما، ثم يَطرُدَهَا في الفَرْعِ المتنازَعِ فيه؛ كقولِهِ: الشِّدَّةُ المُطْرِيَةُ عِلَّةٌ لِتَحْرِيمِ الخَمْرِ، وقَدْ تَحَقَّقَتْ فِي النَّبيذِ، فَيَحْرُمُ.

وقياسُ العَكْسِ: أن يحقِّق علَّةَ الخَصْمِ أَوَّلًا في الفرعِ على زَعْمِهِ، ثم يحقِّقها في صُورَةِ إِجْماعٍ مع تخلُّف الحُكمِ عنها بِالاتِّفاق؛ فينعكسُ الأَمْرُ في جَعْلِ محلِّ الإِجماعِ فَرْعًا للعلَّة، ومَحَلِّ النزاعِ أَصْلًا؛ فيسمَّى قياسَ العَكسِ لذلك، وهو بالحقيقةِ راجِعٌ إلى إِبْطَالِ مَأخَذِ الخَصْمِ بتعيين علَّتها ونَقْضِها.

مثالُ ذلك: قولُنَا في الخَارجِ من غَير السَّبِيلَينِ: إنه لا يَنْقُضُ الوضُوءَ مع تَسْلِيمِ الحَنَفِيِّ أنَّ قليلَهُ لا ينقُضُ الوضُوءَ، وتعليله النَّقْضَ بأنَّه خارجٌ نجسٌ؛ فحينئذ يقولُ: لو نَقَضَ كثير الخارج النجس من غير السبيلَينِ، لَنَقَضَ قليلُهُ، كالخارجِ من السبيلَينِ؛ ولا ينقض قليلهُ بالإِجماعِ؛ فلا ينقض كثيره، والحُكم في هذا النَّظمِ في الأَصْلِ في مسألة الخارج من السبيلَينِ بثبوتِ النقْضِ، وفي الفرع وهو الخارج من غير السبيلين عَدَمُ النقض؛ فمِق ها هنا كان إبطالًا لعكسِ الحَدِّ.

وجوابُه: أن هذا النظْمَ يرجِعُ إلى الشَّرْطِ المتصلِ، وقياسُ الطَّرْدِ فيه مستعملٌ لتحقيقِ القضيَّةِ الشرطيَّةِ، ثم استثْنى فيه نفْي الأَوَّلِ لنفْيِ الثاني، وهو عينُ عكسِ النقيضِ، فيجوزُ أن يكونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>