للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَالأَوَّلُ: الاجْتِهَادُ فِي تَرْكِيبِ النُّصُوصِ؛ مِثلُ قَوْلِنَا فِي الْمَبْتُوتَةِ: إِنَّها لَيسَتْ زَوْجَةً لَهُ؛ لأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ زَوْجَةً لَهُ، لَكَانَ إِذَا مَاتَتْ، وَجَبَ أَنْ يَرِثَ الرَّجُلُ مِنْهَا النِّصْفَ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} [النساء: ١٢]، وَبالاتِّفَاقِ: لَا يَرِثُ الرَّجُلُ مِنْهَا؛ فَلَمْ يَكنِ الرَّجُلُ زَوْجَهَا، وَلَمْ تَكُنْ هِيَ زَوْجَةً لَهُ؛ فَوَجَبَ أَلَّا يَحصُلَ لَهَا الْمِيرَاث مِنْهُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالى: {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ} [النساء: ١٢]؛ أَثبَتَ الرُّبُعَ لِلزَّوْجَةِ، فَصَرْفُ شَيءٍ مِنْهُ إِلَى غَيرِ الزَّوْجَةِ تَرْكٌ لِلنَّصِّ، وَمَعْلُومٌ: أَن مِثْلَ هذَا الاجْتِهَادِ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ، وَيكُونُ مَعْنَى: "أَجْتَهِدُ رَأْيِي"- فِي تَرْكِيبَاتِ النُّصُوصِ، وَفِي إِدْخَالِ الْخُصُوصِ تَحْتَ الْعُمُومَاتِ.

===

الأول: أنه اشْتَمَلَ على الخطإِ، وحديثُهُ - عليه السلام - مَصُونٌ عنه:

أمَّا أنَّه اشْتَمَلَ على الخَطَإِ، فَمِنْ أَوْجُهٍ:

الأوَّل: قوله: "فإِنْ لم تَجِدْهُ في كتابِ الله تعالى" فإنه مناقِضٌ لقولِهِ تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيءٍ} [الأنعام: ٣٨].

والثاني: اشتمالُهُ على تصويب الاجتهادِ في زمَنِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنه خطأ؛ علَى ما سيأتي في "بَابِ الاجتهادِ" إن شاء الله تعالى.

الثالثُ: اشتِمالُهُ علي سؤالِهِ عن أهليَّة القضاءِ بَعْد التَّولِيَةِ، وحقُّه أن يكُونَ قَبْلَ التَّوْلِيَةِ.

الرابعُ: أنَّه قَيَّد العَمَلَ به بعَدَمِ وجْدَانِ الحُكْمِ في السُّنَّةِ، وقَيَّدَ العَمَلَ بالسُّنَّةِ بعَدَمِ وجْدَانِهِ في الكتَاب، والأَوَّلُ خلافُ مذهبكم، والثَّانِي خلافُ الإِجْمَاع الثاني من القبح: أنه نُقِلَ أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لَهُ: "اكْتُبْ إِلَيَّ، أَكتُبْ إِلَيكَ".

الثالث: ما ذكَرَهُ المصنِّف أنَّه مُرسَلٌ، وليس بحجَّةِ عند الشافعيِّ، ولأنه خَبَرُ واحدٍ فيما تَعُمُّ به البلْوَى، وليس بحجَّةٍ عند أَبي حنيفَةَ.

السؤالُ الثَّاني على أصْلِ الحُجَّة: القولُ بموجبه؛ فإِنا نَحْمِلُ قوله: "أَجْتَهِدُ رَأْيي" على الاجتهادِ في تركيبِ النصوصِ؛ كما ذَكر المصنَّف في المبتُوتَةِ أنها لا ترثُ؛ لأنَّها ليسَت بزوجةٍ؛ لأنها لو كَانَت زوجةً، لورثَهَا؛ لقوله تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ} [النساء: ١٢] ولا يرثُها؛ فليست بزوْجَةٍ؛ فلا ترثُهُ.

أو على الاجتهادِ في إدْخَالِ الخاصِّ تحت العامِّ؛ كَتَحْقِيقِ أن النَّبَّاشَ سارِق؛ ليندَرجَ تحْتَ عمومِ قولِهِ تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨].

<<  <  ج: ص:  >  >>