أَمَّا الأولُ -وَهُوَ: أَن يَكُونَ منشَأ للمَصلَحَةِ الخَالِصَةِ-: فَمُقتَضَاهُ الإِذنُ.
وَأمَّا الثانِي- وَهُوَ: أَن يَكُونَ منشَأ للمفسدة الخَالِصَةِ-: فَمُقتَضَاهُ الحُرمَةُ؛ لِوَجهينِ:
أَحَدُهُمَا: الإِقدَامُ عَلَى المفسدة قُبح؛ فَوَجَبَ أَن يَكُونَ مَمنُوعًا منهُ.
الثانِي: أَنهُ لَيسَ فِي تحصِيلِهِ مصلَحَة؛ فَوَجَبَ أَن يَكُونَ عَبَثًا.
وَالدَّلِيلُ عَلَى الأَولِ: النصُوصُ، وَالمَعقُولُ:
أَما النُّصُوصُ-، فَكَثِيرَة:
أَحَدُها: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥].
ثَانِيها: {وَمَا جَعَلَ عَلَيكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨].
ثَالِثُها: {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} [المائدة: ٤].
رَابِعها: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف: ٣٢].
خَامِسُها: قَوْلُهُ تَعَالى: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود: ١١٨، ١١٩]؛ قَوْلُهُ: "ذلِكَ" ضَمِير؛ فَيَجِبُ عَودُهُ إِلَى أَقرَبِ المَذكُورَاتِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: {مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ}.
===
قوله: "وأما الأَوَّلُ، فمقتضاه الإِذنُ. وأما الثانِي، فمقتضاه الحُرمَةُ؛ والدليلُ عليه النصوصُ والمَعقُولُ: أما النصوصُ فكثيرة، أحدُها: قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥]. وثانيها: قولُه تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨]. وثالثها: قوله تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ} [الأعراف: ١٥٧]. ورابعها: قولُهُ تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف: ٣٢]. وخامسُها: قوله تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود: ١١٨، ١١٩]، قوله: "لذلك" ضمير فيجبُ عَودُهُ على أَقرَبِ مذكُور":
وهذا بعيدٌ؛ فإن "الرحمَةَ" مؤنثَة، والإِشارةُ مذَكرة، وسياق الآيةِ، وهو قولُهُ: {وَتَمَّتْ كلمَةُ