للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكَافِرُونَ} [المائدة: ٤٤]؛ وَبِالإِجمَاعِ لَم يحصُل هذَا؛ فَوَجَبَ القَطعُ: بِأنَّ ذلِكَ الحُكمَ مَا كَانَ حُكمًا بِمَا أنزَلَ الله تَعَالى.

وَإذَا ثَبَتَ هذَا -فَنَقُولُ: الحَاكِمُ بِالقِيَاسِ حَاكِم بِغَير مَا أَنزَلَ الله تعَالى، وَالْحُكْمُ بِغَيرِ مَا أَنزَلَ الله تَعَالى يَكُونُ غَيرَ حُكم بمَا أَنْزَلَ الله؛ فَحِينئِذِ: يَدخُلُ تَحتَ قَوْلِهِ تَعَالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: ٤٤].

وَنَقُولُ: القول بِالتكْفِيرِ مُتَعَذِّرٌ بِالإِجْمَاعِ، إلا أَنا قَدْ دللنَا عَلَى أَنهُ إِذَا نُسِخَ الوُجُوبُ، يَبقَى الجَوَازُ؛ فَههُنَا: لَما تَعَذَّرَ التكفِيرُ، وَجَبَ أَن يَبقَى الخَطَأُ وَالرجز وَالمَنعُ منهُ.

الحجة الثَّالِثَةُ: النصُوصُ وَافِيَة بِبَيَانِ الأَحكَام؛ وَمَتَى كَانَ الأَمرُ كَذِلِكَ كَانَ الْقَوْلُ بِالقِيَاسِ بَاطِلًا:

بَيَانُ الأَوْلُ: أَن الحُكمَ لَا يَخلو: إِمَّا أَن يَكونَ مَنشأً للمَصلَحَةِ الخَالِصَةِ، أَوْ للمفسَدَةِ الخَالِصَةِ، أَوْ كَانَ مُشْتَمِلا عَلَيهِمَا، أَوْ كَانَ خَالِيًا عَنهُمَا:

===

إذا ثبَتَ هذا، فالحَاكِمُ بالقياسِ حَاكِمٌ بغَيرِ ما أنزل الله، [فـ] كان يجبُ تكفِيرُهُ، لكن القولَ بالتكفيرِ متعذر بالإجماعِ، إلا أنا بينا أنه إذا نُسِخَ الوجُوبُ، بقي الجوازُ؛ فههنا لمَّا تعذر التكفيرُ، وَجَبَ أن يبقَى الخطأُ والحُرَمَةُ":

يعني: أنه لا يَلزَمُ من رَفعِ الأخص رفعُ الأعَمِّ؛ فيبقى التحريمُ ها هنا.

والجواب: أن التكفيرَ بالحُكمِ بغَيرِ ما أَنزَلَ الله مشروط بالعمل بالمخَالفَةِ قَطعًا؛ كحكم اليهودِ بعَدَمِ رَجمِ الزانِي المُحصَنِ مَعَ علمهم بأنه منصوص عليه في التورَاةِ، أنها الحُكمُ بغَير ما أَنزَلَ الله عن خطإ أو غَلَطٍ أو سهو- فَليَس كُفرًا بالإجماع.

قوله: "الثالِثَةُ: أَن النصُوصَ وافية ببيانِ الأَحكام؛ ومتَى كان الأمرُ كَذَلك، كان القول بالقياسِ باطلًا:

بيانُ الأَول: أن الأَمرَ إما أَن يكونَ منشأ للمصلحة الخالصةِ، أو للمَفسَدَة الخالصةِ، أو كان مُشتَمِلا عليهما، أو كان خَالِيًا عنهمَا":

يعني بـ "الأمر" ها هنا: الذي جعلَة مورِدًا لتقسِيم الشيءِ؛ كقولهم [من الوافر]:

...................... ... لأمرٍ ما يُسَوَّدُ مَن يَسُودُ

<<  <  ج: ص:  >  >>