للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

بالإجماع" وَمَا ذَكَرَهُ وَاضحٌ، وَالعِبَاراتُ مُتَّسِقَةٌ.

قَوْلُهُ: "الرَّابعُ: الدَّوَرَانُ وَهُوَ: أَنَّ هذَا الحُكْمَ دَائِرٌ مَعَ هذَا الوصْفِ وُجُودًا وعَدَمًا وَالدَّوَرَانُ يُفِيدُ ظَنَّ العِلِّيَّةِ":

هذَا قولُ عَامَّةِ الفُقَهَاءِ: الشَّافِعي، ومالكٌ، وأبُو حَنِيفةَ -رَضِيَ الله عَنْهُم- وَزعمت المعْتَزلَةِ أَنَّه يفيدُ العلمَ.

قال القاضِي ابْنُ البَاقِلّانِيِّ، والإسْفَرَاينيُّ: لَا يفيدُ عِلْمًا وَلَا ظَنًّا.

وَاحتَجَّ القاضِي: بَأَنَّ دَعْوَى اطِّرَادِهِ فِي جميعِ صُوَرِ وُجُودِهِ تَتوَقَّفُ عَلَى ثبوتِ الحُكْمِ في الفَرْعِ، وَثُبُوتُ الحُكمِ في الفرعِ يَتَوقَّفُ عَلَى عِلِّيِّتِهِ، وَعِلِّيَّتُهُ تَتَوَقَّفُ عَلى اطرادِهِ؛ فَيَدُورُ.

وَاحْتَجَّ: بأنَّ الطَّرْدَ حاصِلُهُ السَّلامَةُ عَنِ النَّقْضِ، وَالعَكسُ لَيسَ شَرْطًا فِي العِلَلِ الشَّرْعِيَّةِ، وَنَفْيُ الحُكمِ عند انْتِفَائِهِ، حُكْمٌ آخَرُ مُعَلَّلٌ بِعَلَّةٍ أُخْرَى لا ارْتِبَاطَ لها بِثُبُوتِ الحُكمِ.

وَأُجِيبَ: بأَنَّا نَعْنِي باطِّرَادِهِ وُجُودَهُ مَعَهُ فِي سَائِرِ الصُّورِ المُجْمَع عَلَيهَا، وَالعَكس، وإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطًا، لَكِنَّهُ يَغْلبُ عَلَى الظَّنِّ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مَنْهُمَا وَإِنْ لَمْ يَسْتَقِل، لَكِنَّ المجموعَ مُسْتَقِلٌّ.

وَاحْتَجَّ المُثبِتُونَ: بِأَنَّ الحُكْمَ لَا بدَّ لَهُ مِنْ عِلَّةٍ غالبًا، وَغَيرُ الدَّائِرِ لَيسَ بعلَّةٍ؛ لأنَّهُ إِنْ كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَ الحُكْمِ فيلزمُ تَخَلُّفُ الحُكْم عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا، فَالأَصْلُ عَدَمُهُ، إِلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ الدائرُ هُوَ العلةَ.

وَاعْترضَ عَلَيهِ: بِأَنَّهُ كمَا دَارَ مَعَهُ، دَارَ مَعَ تَعَيُّنِهِ، وَكَونِهِ فِي ذلِكَ المحلِّ؛ فَيَكُونَانِ -أَو أحدُهُمَا- علَّة أو جزءًا من العلَّةِ، وبالنقْضِ بسائر الأمورِ المتضايفةِ؛ كالأُبُوَّةِ وَالبُنُوُّةِ، وَبِبَعْضِ الأَوْصافِ الطرديَّةِ: كالرائِحَة الفَائِحَةِ مَعَ تَحرِيمِ الخَمرِ، وَكَونِ الماءِ مَائِعًا؛ تُبْنى القنطرةُ عَلى جِنْسِهِ، وَأَنَّه يُسْبَحُ فيهِ، وَيُصَادُ منْهُ السَّمَكُ، وَيَعَكِسُ في سائرِ المائعاتِ. وَبأَنَّ الوَصْفَ كَما دَارَ مَعَ الحُكْمِ، دَارَ الحكمُ مَعَهُ؛ كَتَحْرِيكِ الإِصْبَع مَعَ تَحْرِيكِ الخاتَم، فَليسَ جَعْلُ أَحَدِهمَا علَّةً والآخر مَعْلُولًا بأَوْلَى مِنَ العكسِ. وَبالنَّقضِ بِأَخَصِّ وَصْفِ العلَّةِ، وَالشَّرْطِ المساوي.

وَأُجيبَ عَنِ الأَوَّلِ: بِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَى المتَمَسِّكِ بهِ إِلغَاءُ تعيين الوصفِ وَالأَصلِ إِمَّا بِبَيَانِ أَنَّه طَردٌ مَحْضٌ، أَوْ بأَنَّ المُتَعَيِّنَ أَمرٌ عَدَمِيٌّ؛ إِنَّ أمْكَن، وَأَنَّ العَدَمَ لَا يُعَلَّلُ بِهِ الثُبُوتُ، أَوْ أَنَّه يلزمُ مِنْهُ التعليلُ بِالقَاصِرِ، وَالمُتَعَدِّي أَرْجَحُ، أَوْ غَيرُ ذلِكَ، وَأَمَّا النَّقْضُ بِالمُتَضَايفَاتِ؛ فَيُدْفَعُ ببَيانِ تَقَّدُّمِ المُدَّعَى عِلِّيَّته بَالذاتِ عَلَى الحُكْمِ، وَعَليهِ يَخْرُجُ النقضُ بِدَوَرَانِ الحُكمِ مَعَ العلَّةِ؛ لأنَّهُ مُرَتَّبٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>