للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النوع الثاني من القياس قِيَاسُ الشَّبَهِ

مِثَالُهُ: أَن الْعَبْدَ الْمَقْتُولَ خَطَأً يُشبِهُ الأَحْرَارَ فِي كَوْنِهِ عَاقِلًا مُكَلَّفًا؛ وَمُقْتَضَى قَتْلِهِ مِنْ

===

قولُهُ: "النوعُ الثّانِي مِنَ القياسِ: قياسُ الشَّبَهِ":

اعْلَمْ: أنَّ الشَّبَهَ لَمْ يُعْنَ بِتَصْويرِهِ إِلَّا الحُذَّاقُ، فَقِيلَ: إنه عبارةٌ: عَمَّا يُثِيرُ اشْتِبَاهًا بَينَ مَحَلَّين عَلى الجملةِ، وَيَغْلِبُ عَلى الظَّنِّ اسْتَواؤُهُما فِي الحُكْمِ.

وقيلَ: مَا يُوهِمُ الاشْتِراكَ فِي مُخِيلٍ، وَبالجملةِ فَكلُّ وَصفٍ لَا يَخْلُو: إِمَّا أنْ يَلْزَمَ مِنْ رَبْطِ الحُكمِ بِهِ مصلحةٌ أَوْ لا:

والثَّاني: الطَّرْدُ، وَالأَوَّلُ: لَا يخلُو: إِمَّا أنْ يَتَعَيَّنَ فيهِ جهةُ الصَّلاحِ أَوْ لَا:

وَالأَوَّلُ: المُخِيلُ.

والثَّانِي: الشَّبَهُ؛ فالشبهُ لَهُ مرتبةٌ وُسْطَى بينَ الطَّرْدِ وَالمناسِبِ. ومِمَّا يُفَارِقُ بِهِ المُخِيلُ الشَّبَهَ: أَنَّه لَوْ قُدِّرَ عَدَمُ وُرُودِ الشَّرْعِ، لأَدْرَكَ العقلُ صلاحِيَّةَ المُخيلِ لِمَا تَرَتَّبَ عَليهِ مِنَ الأَحْكَام؛ حَتَّى ظَنَّتِ المعتزلةُ أَنَّ الحُكْمَ صفةٌ لمُخِيلهِ لِذلِكَ، وَأَن الشَّرْع مخبرٌ عَنْ حالِ المخِيلِ، وَلَوْ قُدِّرَ وُرودُ الشرعِ- لَمْ يُدْرِكِ العقلُ صلاحيةَ الشبهِ لحُكمِ المرتَّبِ عليه؛ فَإِن كَوْنَ القَتْلِ العَمْدِ العُدْوانِ جِنَايَةَ مناسبٌ للاعتداءِ بِمثْلِهِ، وَالإِتلافُ يُنَاسِبُ تَرْتِيبَ الضمانِ بالمثلِ فيما لَهُ مِثلٌ؛ فإنَّه يقومُ مَقَامَهُ صُورةً ومَعنى، وَبإيجابِ الْقِيمَةِ فيما لَا مِثْلَ لَهُ؛ لأنَّهُ يُمْكِنُ التوصُّلُ بِهِ إِلَى مِثْلِهِ الخفِيِّ.

وَأَما اشْتِراطُ النية فِي الصَّوْمِ المفروضِ، فَلَولا وُرودُ الشَّرْعِ بإِيجَابِهِ في القضاءِ والنذرِ دُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>