الثاني: أَنْ يُرَادَ بـ "الأَصْل": القاعدَةُ المستمرَّةُ؛ فما خَرَجَ عَنْها يَكُونُ على خلافِ الأَصْلِ؛ كقولهم: إِبَاحَةُ المَيتَةِ للمضطَرِّ علَى خلافِ الأَصْلِ.
الثالث: أن يراد بـ "الأَصْل": الأغلبُ الأكثرُ: فمَا خَرَجَ عنه يكُونُ عَلى خلافِ الأَصْلِ؛ كما يقال: العقلُ فِي النِّسَاءِ عَلى خلافِ الأَصْلِ، أي: للأَكْثَرِ. وما ذكره مِنْ أَنَّ الاشتراك على خلافِ الأَصْلِ، يحتملُ المعانِيَ الثلاثةَ؛
أما الأوَّل والثَّاني؛ فلأنَّ الألفاظ وُضعت للإفهام، ولازمُ الاشتراكِ الإجْمَالُ، وهو محلٌّ بمقصودِ الوضع، فكان عَلى خلافِ الدَّلِيلِ والقاعدةِ. وأما الثالث: وهو أنَّه خلافُ الغالِب فظاهرٌ بدلالةِ الاستقراءِ.
قوله:"إن احتمال الاشتراكِ لو كانَ مساويًا لاحتمالِ الانفرادِ - لما حصل الفهْمُ فِي شيء من هذه الألفاظِ حالةَ التخاطُب"، هذا الدليلُ لا يفيده المطلوبُ؛ فإِنا اجْمعْنا على أنَّ لنا ألفاظًا نعلم نصَّها، وَألفاظًا نعلم ظهورها، وألفاظًا نعلمُ اشتراكها، وألفاظًا نتردَّد فِي اشتراكِهَا وظهورِهَا؛ فلا نزاع أَنَّا نحمِلُ القسمين الأَوَّلَينِ عند الإطلاقِ على معانِيهِمَا من غير تَوَقُّفٍ، وأنَّا نقف فِي الْمُشْتَرَكِ عند مَنْ لا يَرَى التعميم.
وإنما يلزم الوقْفُ فيما يتردَّد فيه، ونحنُ نقول به، فما ذكره مِنْ لزومِ الوقف عند الإطلاق فِي جميع الألفاظ - غيرُ لازمٍ.
قوله: "لا يُقال: لِمَ لا يجوز إذا يتعيَّن بَسَببِ التصْريحِ بالتعيينِ؛ لأنا نجيبُ عنه من وجهين: