. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
والمصابرة على الحِفْظِ والتَّكْرارِ والسؤَالِ زَمَانًا طويلًا يظن فيه حصولُ أهليَّة الفَتْوَى.
وأمَّا الوَرَعُ، فبملازمة السَّمْتِ الحَسَنِ، والمحافَظَةِ علَى واجبَاتِ الدِّين والمُرُوءَةِ.
لا يُقَالُ: العامِّيُّ إنما يرجعُ في جميعِ ما ذَكَرْتُمُوه إلى ظَنٍّ؛ إذ لا بصيرةَ له، وربَّما رجَّح المفضُولَ على الفَاضِلِ؛ اغترارًا منه بأمور ظاهرةٍ, , فإِنْ كان يقنَعُ بهذَا القَدْرِ، فليبحَثْ في أصل المَسْأَلَةِ؛ فإنه لا يَعْجَزُ عن مِثْلِ هذا الظنِّ.
لأنَّا نقولُ: قدرته علَى تحصيلِ مَا ذَكَرْنَاه ظاهِرَةٌ، وتعذُّرُ أسباب الاجتهادِ في اقتناص الأَحْكَامِ عليه أيضًا ظاهِرٌ؛ لتوقُّفه على الشرائط المذكورَةِ في صِفَاتِ المُجْتَهِدِ الْمُتَقَدِّمِ ذكْرُهَا.
فرع:
إذا اخْتَلَفَ عليه المُفْتُونَ:
فمنْهُمْ مَن خَيَّرَه، ولم يكلَّفه اجتهادًا وَرَاءَ ما ذَكَرْنَاه وهو الأَصَحُّ؛ واحتجَّ بأَنَّ العلماءَ فِي كُلِّ عَصْرٍ لم يُنْكِرُوا على العوامِّ استفتَاءَ المَفْضُولِ مع القُدْرة على استفتاءِ الفاضِلِ.
ومنْهم مَنْ أَوْجَبَ عليه طَلَبَ الترجيحِ بزيادةِ عِلْمٍ أو وَرَعٍ ويُعْزَى لابن سُرَيج، وإن تعارضا فزيادَةُ العِلْمِ أَوْلَى، فإن استويا، فلا طريقَ إلَّا التخييرُ.
فَرْعٌ:
إذا عُلِمَ مَذْهَبُ المجتهدِ المَيِّت العَدْلِ، فالمشهورُ أنَّه لا يَجُوزُ تقليدُهُ؛ فإنَّ الميِّتَ لا مَذْهَبَ له، ولا يُنْسَبُ إلَيهِ قَوْلٌ في الحالِ.
فإنْ قيل: فما فائدةُ دَوَاوينِ الْمَذَاهِبِ، ونَقْلِ مقالاتِ العُلَماء؟
قيل: له فَائِدَتَانِ:
إِحداهما: معرفَةُ طُرُقِ الاجتهادِ، وكيفيَّة بناءِ الحوادِثِ بَعْضِها علَى بَعْضٍ.
والأُخْرَى: معرفة المُتَّفَقِ عليه وَالمُخْتَلَفِ فيه.
يَتَّجهُ أنْ يُقَال: مَذْهَبُ الميِّت مُعْتَدٌّ به، لا سِيمَّا في زمانِنَا؛ لِعَدَمِ المجتَهِدِينَ, ولو بَطَلَ مذْهَبُ المجتهِدِ بمَوْتِهِ، لما كان إجماعُ الِسَّلَف بعد انقضاءِ عَصْرِهِمْ حُجَّةَ، ولكانت الواقِعَةُ بَعْدَ مَوْتهم خاليةً عن فَتْوَى المُتَقَدِّمين, والله أعْلَمُ.
فَرْعٌ:
إذا عمل العامِّيُّ بِقَوْلِ مجتهدٍ في حُكْمٍ، فليس له الرُّجُوعُ عنه إِلَى غيره اتفاقًا.
وأمَّا في حُكْمٍ آخَرَ، فقيل: المُخْتَارُ جوازُهُ للقَطْعِ بوقوع ذلك في زَمَنِ الصحابةِ وغَيرِهِم مِنْ