وَالاعتراضُ أنَّكُمْ إذا لم يَتِمَّ لكم هذا المذهَبُ إلا بالاستدلالِ علَيهِ، وجَنَحْتُم إِلَى الاسْتِدْلَالِ - كان في إِثباتِ هذه الدَّعْوَى بالدليلِ نَفْيُهَا؛ فإِنها نَفْيٌّ لم يتمَّ إلَّا بالاستدلالِ.
وحُجَّةُ منكِرِ نبُوَّةِ مَنِ ادعاها بغَير معجِزَةٍ بأن الله تعالى لا يَبعَثُ رسولًا بِغَيرِ دَلِيلٍ، وعَدَمُ معجزتِهِ دليلٌ علَى كذبه، والحديثُ معارَضٌ بقوله تعالى لِقَوْم حَكَى عنهم أنَّهم قالُوا:{لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إلا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}[البقرة ١١١]؛ فطالبهم بالْبُرْهَانِ على النفْيِ وبتمام الحديثِ؛ فإنه قال:"وَاليَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ"، فلم يتركه بمجَرَّد نفيه، ولا اكتَفَى منه بمجرَّد الاستصحابِ، بل جَعَلَ في جَانِبِهِ أضْعَفَ الحُجَّتَين: إمَّا لتعذُّر إقامة البيِّنة على النفْيِ العَامِّ، أو لقوَّة جانِبِهِ باستصحابِ البرْاءَةِ الأصْلِيَّةِ.
واحتجَّ المُفَصِّلُ بين الشَرعيَّات والعقليَّات؛ بأن الإنسَانَ لَا يَحْتَاجُ في عِلْمِهِ بأنه ليسَ عنده