. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وقال قومٌ كان مُتَّبِعًا لما ثَبَتَ أنَّه شَرْعٌ.
ومِنْهُمْ مَنْ توقَّف.
وقال القاضِي: أَقْطَعُ بأنه لم يكُنْ علَى شريعةِ نَبِيٍّ؛ إذ لو كان لَتَوَاتَرَ؛ فإن أحوال الرجُلِ العظيم في مِثلِ هذا تَتَوَافَرُ الدواعِي علَى نَقلِها، نَعَمْ: كان على عَقْدِ التوحِيدِ.
واحتجَّ له: بأنه لو كان مُوَافِقًا لطائفةٍ في شَرعِهِم، لَقَضَتِ العادَةُ بمُخالطَتِهِمْ ومراجَعَتِهِمْ؛ ليعلَمَ، فيتَّبع.
وأجيبَ: بأنَّ المتواتر فيها معلومٌ، وغيره لا يُعْتَدُّ بِهِ، وعَدَمُ المخالطَةِ لا تمنع الأسباب.
واحْتَجُّوا: بأنه لو كان على شريعة، لافتخر بِهَا أهْلُهَا، ولَنُقِلَ.
وأجيبَ: بأَنَّه لم يثبُتِ التَّعْيِينُ، واختار الغَزَّالِيُّ الوَقفَ، قال: وما ذكره القاضِي يعارِضُهُ أنَّه لو كان مُنْسَلًا عن التكلِيفِ أربعينَ سَنَة متميِّزًا عن أصْنَافِ الخلائِقِ بأجمعهم، لَتَوَفَّرَتِ البواعِثُ علَى نقله، فإذ لَم يُنْقَل هذا ولا ذَاكَ، توقَّفْنا.
قال: ولعلَّ الله تعالى قطَعَ بواعِثَ النَّاسِ، وطَمَسَ حاله، والتَحَقَ هذا بمعجزَاتِهِ.
إذا تقرَّر هذا، فنقولُ: اختلف العلماءُ في أنَّه بعد المَبْعَثِ متعبَّدٌ هو وأمتُهُ بما عُلِمَ أنَّه شَرْعُ مَنْ قبله:
فالمعتزلةُ على المَنْعِ، ومنعه كثيرٌ من الأشعريَّة.
وقال قوم: إنَّا متعبِّدون بذلك. ثم اخْتلَفُوا فيمَنْ تُتَّبَعُ شريعتُهُ حَسَبَ اختلافهم قَبْلَ المبعَثِ.
وقال الشافِعِيُّ في "كتاب الأطعمة": الرجوعُ في اسْتحلالِ الحَيَوَانَاتِ إلى النُّصُوصِ وآثارِ الصحابة، فإن لم تَكنْ فإلى استخباث العَرَبِ واستِطَابتها، فإنْ لم يكُنْ، فما صادَفْنَاه حَرَامًا أو حَلَالًا في شَرْعِ من قبلنا، ولم نَجِدْ ناسخًا - اتبعناه. وعضد هذا المَذهَب بأنَّ نَفْسَ بعثة الرُّسُل لا تتضمَّن نَسْخَ الشرائِعِ السَّابِقَةِ إذ أصحاب الملل والشَّرائِعِ مِنَ الأنبياءِ سِتَّةٌ وَهُمْ أُولُو العَزْمِ: "آدَمُ" وَ"نُوحٌ" وَ"إِبْرَاهِيمُ" و"مُوسَى" وَ"عِيسَى" و"محمَّدٌ" - صلى الله عليه وعليهم أجمعين - فلا بُعْدَ في التَّضافُرِ على شَرْع واحدٍ.
وقيل: قد كان في زَمَانِ مُوسَى أَلْفُ نَبِيٍّ يحكُمُونَ بالتَّوْرَاةِ، ولم يُنْقَل عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نَصٌّ