للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيه بحث لأن المخاطب إذا كان عالما بالحكم ولم يكن حكمه مشوبا بخطأ لم يصح القصر؛ بل لا يفيد الكلام سوى لازم الحكم؛ وجوابه: أن مرادهم إن إنما تكون لخبر من شأنه أن لا يجهله المخاطب ولا ينكره حتى إن إنكاره يزول بأدنى تنبيه لعدم إصراره عليه؛ وعلى هذا يكون موافقا لما فى المفتاح (كقولك لصاحبك- وقد رأيت شبحا من بعيد-: ما هو إلا زيد إذا اعتقده غيره) أى:

إذا اعتقد صاحبك ذلك الشبح غير زيد ...

===

وفى الأطول ما نصه: مما يجهله المخاطب وينكره فاستعماله فى قصر التعيين على خلاف الأصل

(قوله: وفيه بحث) أى: اعتراض على قوله بخلاف الثالث

(قوله: لازم الحكم) وهو إعلام المخاطب أن المتكلم عارف بالحكم

(قوله: وجوابه إلخ) حاصله أن قولهم أصل إنما أن يكون الحكم المستعملة فيه مما يعلمه المخاطب، ولا ينكره مرادهم أن ذلك الحكم مما شأنه أن يكون معلوما للمخاطب لكونه من شأنه أن يزهر أمره بحيث يزول إنكاره بأدنى تنبيه فى زعم المتكلم فلا ينافى أنه مجهول بالفعل، فالحاصل أن محل الطريق الأول أعنى النفى والاستثناء الحكم الذى يحتاج للتأكيد لإنكاره، وكونه مما شأنه أن يجهل، ومحل الثانى ما لا يفتقر إلى ذلك لكونه مما شأنه أن يكون معلوما وإن كان الجهل والإنكار بالفعل لا بد منهما فيهما فى غير قصر التعيين كما علمت

(قوله: لخبر) هو بالتنوين أى: لحكم كلام خبرى من شأنه أن لا يجهله المخاطب ولا ينكره أى: ولكنه جاهل له ومنكر له بالفعل كما يدل عليه قوله حتى إن إنكاره إلخ

(قوله: وعلى هذا) أى:

التأويل

(قوله: موافقا لما فى المفتاح) أى: من أنه لا بد من الجهل والإنكار بالفعل.

(قوله: كقولك إلخ) تمثيل للأصل الثانى أعنى: النفى والاستثناء

(قوله: وقد رأيت شبحا) الجملة حالية وكان المناسب أن يقول: وقد رأيتما؛ لأنه لا يكون المخاطب منكرا كون الشبح غير زيد إلا إذا رآه والشبح- بسكون الباء- وفتحها الشخص، وقوله: من بعيد أى: من مكان بعيد وقيد بالبعد؛ لأن شأن البعيد الجهل والإنكار

(قوله: ما هو إلا زيد) مقول كقولك أى: كقولك: ما هذا الشبح إلا زيد

(قوله: إذا اعتقده) أى: تقول ذلك إذا اعتقده غير زيد، فإن اعتقده زيدا وعمرا كان قصر إفراد، وإن اعتقده عمرا كان قصر قلب، فالمثال يحتمل القسمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>