للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاعتبار المناسب هو الإشعار بعظم هذا الأمر فى نفوسهم، وشدة حرصهم على بقائه عندهم.

===

منزلة جهلهم به؛ لأن الإنكار يستلزم الجهل، وبهذا اندفع ما يقال: إن الملائم لدعوى تنزيل المعلوم منزلة المجهول تنزيل علمهم بهلاكه منزلة الجهل لاستعظامهم إياه لا تنزيل استعظامهم منزلة إنكارهم إياه- قاله يس. ولما نزل استعظامهم لهلاكه منزلة الإنكار الذى يحتاج إلى تأكيد النفى استعمل لذلك الاستعظام المنزل منزلة إنكارهم النفى والاستثناء، ووجه تنزيل استعظام الهلاك منزلة إنكاره أن مستعظم الشىء الحريص على عكسه لو أمكنه نفى ذلك الشىء لنفاه، فهو كالنافى على وجه الرضا والمحبة، وأصل التنزيل تشبيه الشىء بالشىء، فلما شبهوا بالنافى على وجه الرضا ناسب تنزيلهم منزلة المنكرين، فخوطبوا برد ذلك الإنكار المقدر لأجل الاعتبار المناسب وهو الإشعار بأنهم فى غاية الحرص على حياته والاستعظام لموته الذى ينزلون بسببه منزلة المنكرين- كذا فى ابن يعقوب، وقرر شيخنا العدوى: أن المنزل منزلة المجهول المنكر قيام الهلاك به المعلوم لهم لاستعظامهم إياه لا أن المنزل الاستعظام، وهذا هو المناسب لقول المصنف وقد ينزل إلخ: فكان المناسب لقوله، وقد ينزل إلخ: أن يقول نزل المعلوم وهو عدم التبرى من الهلاك أعنى قيام الهلاك به منزلة المجهول، فاستعمل النفى والاستثناء، وسبب التنزيل استعظامهم إياه ليكون الكلام على نسق واحد

(قوله: والاعتبار المناسب) أى: لمقام الرسالة هنا

(قوله: وشدة حرصهم) أى: وحرصهم الشديد الذى ينزلون بسببه منزلة المنكرين، وأنهم بحيث يخاطبون بهذا الخطاب التنزيلى ردا لهم عما عسى أن ينبنى على ذلك الاستعظام مما ينبنى، وقد وقع من بعض الصحابة يوم وفاته- عليه الصلاة والسّلام- ذلك البناء حيث أنكر الوفاة، وشغله ذلك الإنكار عما يقتضيه الحال من الشغل بإقامة الدين من بعده- عليه الصلاة والسّلام- وكان يقول والله لا أسمع رجلا قال: مات رسول الله إلا فعلت به كذا وكذا، وقال بعضهم: إنما ذهب لمناجاة (١) ربه كموسى حتى أتى المتمكن الصديق


(١) فى المطبوع: لماجاة.

<<  <  ج: ص:  >  >>