للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أو قلبا) عطف على قوله: إفرادا (نحو: إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) (١) فالمخاطبون وهم الرسل- عليهم الصلاة والسّلام- لم يكونوا جاهلين بكونهم بشرا، ولا منكرين لذلك لكنهم نزلوا منزلة المنكرين (لاعتقاد القائلين) وهم الكفار (أن الرسول لا يكون بشرا مع إصرار المخاطبين على دعوى الرسالة) فنزلهم القائلون منزلة المنكرين للبشرية ...

===

فنفى ذلك، وأقام الدين بما أمر الله تعالى به رضوان الله على الجميع- على أن لهم فى ذلك الاستعظام عذرا؛ لأن وفاة سيد الوجود هى الرزية العظمى والهول الأكبر الذى يكاد أن تزلزل قواعد التكليف بهوله ويسقط بناء ضبط الإدراك من أصله

(قوله: عطف على قوله إفرادا) أى: وحينئذ فالمعنى أن القصر الذى استعملت فيه ما وإلا للتنزيل، إما أن يكون قصر إفراد كما تقدم، وإما أن يكون قصر قلب

(قوله: نحو إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا) أى نحو قوله تعالى: حكاية عن الكافرين فى خطاب الرسل إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا أى: ما تتصفون إلا بالبشرية مثلنا لا بنفيها كما تزعمون وإنما خاطبوهم بهذا الخطاب، ولم يقولوا ما أنتم رسل الذى هو مرادهم؛ لأنه فى زعمهم أبلغ، إذ كأنهم قالوا أنكرتم ما هو من الضروريات وهو ثبوت البشرية وأنتم لا تتعدون الاتصاف بها إلى الاتصاف بنقيضها الذى تثبت معه الرسالة، ولهذا كان قصر قلب؛ ولأن قولهم ذلك فى قوة قياس نظمه هكذا ما أنتم إلا بشر مثلنا، وكل بشر لا يكون رسولا فأنتم لستم برسل، فما قالوه كدعوى الشىء ببينة قيل يمكن أن تكون الآية من قصر الإفراد جريا على الظاهر من غير تنزيل، فكأنهم قالوا: ما اجتمعت لكم البشرية والرسالة كما تزعمون، أو من قصر القلب بلا تنزيل أيضا بأن يكون المراد: ما أنتم إلا بشر مثلنا لا بشر أعلى منا بالرسالة

(قوله: لاعتقاد القائلين إلخ) هذا هو الاعتبار المناسب.

(قوله: لا يكون بشرا) أى: وإنما يكون ملكا

(قوله: مع إصرار المخاطبين) أى:

بهذا الخطاب وقوله على دعوى الرسالة أى: المستلزمة لنفى البشرية بحسب زعم المتكلمين وحيث كان الرسل مصرين على دعوى الرسالة المنافية للبشرية بحسب اعتقاد


(١) إبراهيم: ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>