للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من العثار وهو الزلة، وإنما يفعل ذلك (حيث يراد تبكيته) أى: إسكات الخصم وإلزامه (لا تسليم انتفاء الرسالة) فكأنهم قالوا: إن ما ادعيتم من كوننا بشرا فحق لا ننكره، ولكن هذا لا يتنافى أن يمن الله تعالى علينا بالرسالة؛ ...

===

له بعد ذلك فيعثر مما يلقى له بعد ذلك ويفحم وأما إذا عورض من أول وهلة ربما كان ذلك سببا لنفرته وعدم إصغائه وعناده، والمراد ببعض المقدمات التى سلمها الرسل هنا المقدمة الصغرى أعنى: كونهم بشرا، وأما كون البشر لا يكون رسولا وهو الكبرى فلم يسلمها الخصم.

(قوله: من العثار) أى: لا من العثور وهو الاطلاع، وقوله ليعثر متعلق بالمجاراة وقوله وإنما يفعل ذلك أى: ما ذكر من مجاراة الخصم.

(قوله: وهو الزلة) بفتح الزاى أى: الوقوع والسقوط أى: لأجل أن يسقط فيرجع عما قال إلى الحق

(قوله: وإلزامه) أى: بأن يرتب على التسليم المذكور بعد استماع الخصم له وطماعيته فى الظفر ما ينقطع به إما بإظهار أنها بعد تسليمها لا تستلزم مطلوبه كما هنا فيحتاج إلى دليل آخر، أو أنها تستلزم ما يناقض المطلوب كما تقدم فى آية: قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ (١) أى: النافين له فينقطع الخصم فى مطلوبه

(قوله: لا لتسليم انتفاء الرسالة) عطف على قوله من باب مجاراة الخصم أى: أن ما قاله الرسل للمجاراة ولم يقولوه لتسليم انتفاء الرسالة عنهم فإن قلت إن مجاراة الخصم إنما تكون فيما هو مخالف للواقع عند المخاطب: كالرسل هنا فيسلمه هنا على سبيل التنزيل، وهنا ليس كذلك؛ لأن بشريتهم موافقة للواقع بلا خلاف، وحينئذ فلا معنى للمجاراة هنا قلت المجاراة تكون بوجهين: أحدهما: الاعتراف بمقدمة مخالفة للواقع على سبيل التنزيل ليرتب عليها ما يناقض المقصود، والثانى: الاعتراف بمقدمة صحيحة موافقة للواقع عنده أيضا ليبين أنها لا تستلزم المطلوب ولا دخل لها فيه ولا يتوقف عليها كالبشرية هنا، فكأنهم قالوا لهم: صدقتم فى هذه المقدمة لكنها لا تفيدكم


(١) الزخرف: ٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>