للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا مثال لأصل إنما؛ أى: الأصل فى إنما أن تستعمل فيما لا ينكره المخاطب؛ كقولك: (إنما هو أخوك؛ لمن يعلم ذلك و) يقربه، وأنت (تريد أن ترققه عليه) أى: أن تجعل من يعلم ذلك رقيقا مشفقا على أخيه، والأولى بناء على ما ذكرنا أن يكون هذا المثال من الإخراج لا على مقتضى الظاهر.

===

مع أن المخاطب وهم الكفار لا ينكرون البشرية، بل هى أمر مسلم عندهم واقعى، فلا معنى للحصر حينئذ؛ لأنه لرد المخاطب ولا حاجة للرد هنا لعدم الإنكار وغيره مما يحوج إلى الرد، إلا أن يجاب بأنا لا نسلم أن القصر إنما يكون لرد المخاطب قلبا أو إفرادا أو للتعيين، بل قد يكون لغير ذلك لنكتة من النكات، نعم الغالب فيه أن يكون للرد أو للتعيين، واعلم أن هذا السؤال الثانى بالنظر لحال المخاطب كما أن السؤال الذى قصد المصنف به رده بحسب حال المتكلم. اهـ سم.

(قوله: وهذا مثال لأصل إنما) أى: بناء على ما يقتضيه قول المصنف بخلاف الثالث من أن الأصل فى إنما أن تستعمل فيما هو معلوم لا يجهله المخاطب وعلى هذا فهو مثال لتخريج الكلام على مقتضى الظاهر

(قوله: لمن يعلم ذلك) أى: كون المخبر عنه أخاه

(قوله: ويقر به) أى: بكونه أخا له، والمراد أنه يعلم ذلك بقلبه ويقر به بلسانه

(قوله: أن ترققه عليه) إما بقافين من الرقة ضد الغلظة يقال: رق الشىء وأرقه- ورققه، والتعدية بعلى بتضمين معنى الإشفاق كما أشار الشارح، وحينئذ يقرأ رقيقا أيضا بقافين، والمراد رقيق القلب وإما بالفاء والقاف من الرفق بمعنى اللطف وحسن الصنيع- يقال: رفق به منّ عليه، وقول الشارح أى أن تجعل إلخ فيه: إشارة إلى أن صيغة فعل للجعل والتصيير، والمراد أنك تحدث فى قلب من يعلم ذلك الشفقة والرقة على أخيه بسبب ذكرك الأخوة له؛ لأنه وإن كان عالما بها قد يحدث فى قلبه الشفقة بسماعها؛ لأن الشىء قد يوجب بسماعه من الغير ما لا يوجب بمجرد علمه

(قوله: والأولى بناء على ما ذكرنا) أى: من أن إنما تستعمل فى مجهول شأنه أن لا يجهله المخاطب ولا ينكره، حتى إن إنكاره يزول بأدنى تنبيه لكونه لا يصر عليه، وقوله أن يكون هذا المثال من الإخراج لا على مقتضى الظاهر أى: فالحكم فى هذا المثال وهو الأخوة وإن كان

<<  <  ج: ص:  >  >>