للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ونفى النفى إثبات وهذا) المعنى (مراد من قال: إن الهمزة فيه للتقرير) أى:

لحمل المخاطب على الإقرار (بما دخله النفى) وهو: " الله كاف" (لا بالنفى) وهو:

ليس الله كاف، فالتقرير لا يجب أن يكون بالحكم الذى دخلت عليه الهمزة، بل بما يعرف المخاطب ...

===

دليل على ما ذكر من أن المراد من الآية الإثبات

(قوله: ونفى النفى إثبات) أى: للمنفى وإنما كان كذلك؛ لأنه لا واسطة بينهما، فحيث انتفى أحدهما ثبت الآخر قال سم وإذا تأملت أمثلة الإنكار وجدت معنى النفى فى جميعها، لكن تارة يكون لنفس المذكور وتارة يكون للياقته وانبعاثه كما فى أعصيت ربك الآتى، وبهذا تعلم صحة إطلاق أن الاستفهام الإنكارى فى معنى النفى

(قوله: وهذا المعنى) أى: تحقيق أن الله تعالى كاف عبده

(قوله: إن الهمزة فيه) أى: فى هذا التركيب وهو أليس الله بكاف عبده

(قوله: للتقرير بما دخله النفى) وعلى هذا فيصح أن يقال: إن الهمزة فيه للتقرير كما يصح أن يقال: إنها للإنكار، ومثل: أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ قوله تعالى أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١) وأَ لَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً (٢) فقد يقال: إن الهمزة للإنكار وقد يقال: إنها للتقرير وكلاهما حسن فعلم أن التقرير ليس يجب أن يكون بما دخلت عليه الهمزة، بل بما يعرفه المخاطب من الكلام الذى دخلت عليه الهمزة من إثبات كما فى آية أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ أو نفى كما فى آية أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ (٣) إلخ ومن هذا تعلم أن شرط المصنف فيما سبق إيلاء المقرر به الهمزة ليس كليا- كذا ذكر الفنرى، وفى الغنيمى: إن قلت: إن جعل الهمزة فيما ذكر للتقرير لا يناسب ما مر للمصنف من أن المقرر به يجب أن يلى الهمزة والوالى للهمزة هنا النفى والهمزة ليست لتقريره، بل لتقرير المنفى قلت ما سبق محمول على ما إذا أريد التقرير بمفرد من فعل أو فاعل أو مفعول أو غيرها فمتى أريد التقرير بواحد منها وجب أن يلى الهمزة وما هنا محمول على ما إذا أريد التقرير بالحكم، فإذا أريد ذلك فلا يكون بما دخلت عليه الهمزة، بل بما يعرف المخاطب من ذلك الحكم الذى اشتمل عليه الكلام الذى فيه الهمزة، وإن لم يكن واليا لها كما ذكره الشارح. اه.


(١) الشرح: ١.
(٢) الضحى: ٦.
(٣) المائدة: ١١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>