(قوله: لأنه لا بد له من محل يتعلق به) وقد انحصر ذلك المحل فى زيد وعمرو على الترديد باعتبار اعتقاد المخاطب، وقد نفى المتكلم ذلك المحل فيلزم انتفاء الفعل من أصله، وحاصله أن المخاطب إذا ادعى حصول الضرب بانحصاره فى زيد وعمرو على الترديد كان هذا حصرا لمحله فى أحدهما، فإذا قلت له: أزيد أضربت أم عمرا بإدخال همزة الإنكار على أحد الأمرين وإدخال أم على الآخر كنت منكرا أن يكون محله أحدهما وإنكار محل الضرب إنكار للازمه وإنكار اللازم مستلزم لإنكار الملزوم وبهذا الاعتبار صار إنكار التعلق بأحدهما كناية عن إنكار أصل الفعل، فالهمزة هنا استعملت استعمال الكنايات؛ لأنها موضوعة لإنكار ما يليها- كذا قرر شيخنا العدوى، قال العلامة اليعقوبى وهاهنا شىء وهو أنه إن أريد أن موالة الهمزة للفعل فى الإنكار تدل على نفى أصل الفعل ولو ذكر له مفعول وموالاتها المفعول تدل على نفيه عن المفعول المذكور خاصة إلا فى صورة الترديد كما هو ظاهر عبارة المصنف لم يصح؛ لأنه متى ذكر المفعول تقدم أو تأخر لم يدل إلا على نفى الفعل حال كونه متعلقا بذلك المفعول، وإن أريد أن الموالاة تدل بشرط أن لا يذكر له معمول سوى الفاعل لم يتجه قوله ولإنكار الفعل صورة أخرى؛ لأن هذا الحصر أعنى حصر الضرب مثلا فى مفعولين أو أكثر يوجب إنكار أصل الفعل ولو فى حال موالة الفعل حال كونه متعلقا بالمفعول، وإذا لم يكن حصر فالإنكار للفعل المتعلق بذلك المفعول تقدم ذلك المفعول أو تأخر لا لأصل الفعل فكيف يجعل التأخير دائما لإنكار أصل الفعل والتقديم للإنكار بشرط الحصر، فالتقديم والتأخير حينئذ متساويان، فكيف يخص التقديم بكونه صورة أخرى مع الحصر والفرض أن الصورة مع التأخير أيضا بشرط الحصر، والحاصل أن حصر التعلق لا بد منه ولى الفعل أم لا عطف عليه بأم وشبهها أم لا حيث أريد نفى أصل الفعل، وإن لم يكن حصر لم يفد نفى أصل الفعل تقدم المعمول أو تأخر، نعم إذا قيل مثلا أزيدا ضربت احتمل أن يراد ما ضربت زيدا، بل غيره بأرجحية وأن يراد ما ضربت زيدا من غير تعرض لما سواه، وإذا قيل أضربت زيدا احتمل على وجه التساوى نفى ضرب زيد فقط مع ضرب الغير- تأمل- انتهى.