والحال أنكم لها كارهون؟ يعنى: لا يكون هذا الإلزام.
(والتهكم) عطف على الاستبطاء، أو على الإنكار؛ وذلك أنهم اختلفوا فى أنه إذا ذكر معطوفات كثيرة أن الجميع معطوف على الأول، أو كل واحد عطف على ما قبله (نحو: أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا (١)) وذلك أن شعيبا- عليه الصلاة والسّلام- كان كثير الصلوات، وكان قومه إذا رأوه يصلى تضاحكوا، فقصدوا بقولهم: أصلاتك تأمرك ...
===
(قوله: والحال أنكم لها كارهون) الظاهر أن هذه الحال مؤكدة لما استلزمه العامل أعنى نلزمكم؛ لأن الإلزام بالشىء يقتضى كراهته
(قوله: يعنى لا يكون هذا الإلزام) أى: لا يكون منى إلزام الأمة الهداية ولا قبول الحجة الدالة على العمل بالشرع؛ لأن هذا لا يكون إلا من الله فالذى على الإبلاغ لا الإكراه وهذا الكلام من نوح لقومه الذين اعتقدوا أنه يقهر أمته على الإسلام، ولا يقال: إن هذا الكلام يقتضى عدم الأمر بالجهاد مع أنه مأمور به قطعا؛ لأنا نقول لم يرسل بالجهاد أحد من الأنبياء إلا نبينا محمد- صلّى الله عليه وسلّم- كذا قرر شيخنا العدوى.
وقد تبين بما تقرر أن التوبيخ يشارك التكذيب فى النفى، ويختلفان فى أن النفى فى التوبيخ متوجه لغير مدخول الهمزة وهو الانبغاء ومدخولها واقع أو كالواقع، وفى التكذيب يتوجه لنفس مدخولها فمدخولها غير واقع فافهم
(قوله: التهكم) أى:
الاستهزاء والسخرية
(قوله: اختلفوا فى أنه إلخ) أى: فى جواب أنه إلخ؛ لأن الاختلاف إنما هو فى جواب هذا الاستفهام لا فيه
(قوله: أو كل واحد إلخ) ظاهره كان العطف بحرف مرتب كالفاء. وثم وحتى، أو كان غير مرتب كالواو وأو وأم، ونقل بعضهم عن الكمال ابن الهمام أن محل هذا الخلاف ما لم يكن العطف بحرف مرتب وإلا كان كل واحد معطوفا على ما قبله اتفاقا، واعلم أن ثمرة الخلاف الذى ذكره الشارح تظهر فيما إذا كان المعطوف عليه أولا ضميرا مجرورا فعلى القول بأن الجميع معطوف على الأول لا بد من إعادة الخافض مع الجميع عند غير ابن مالك، وعلى القول بأن كل