للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الهزؤ والسخرية، لا حقيقة الاستفهام. (والتحقير، نحو: من هذا؟ ) استحقارا بشأنه مع أنك تعرفه (والتهويل، كقراءة ابن عباس: وَلَقَدْ نَجَّيْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ. مِنْ فِرْعَوْنَ (١) ...

===

واحد معطوف على ما قبله فلا يحتاج لإعادته إلا مع الأول كما فى مررت بك وبزيد وعمرو.

(قوله: الهزؤ والسخرية) أى: بشعيب وصلاته فكأنهم لعنة الله عليهم يقولون لا قربة لك توجب اختصاصك بأمرنا ونهينا إلا هذه الصلاة التى تلازمها وليست هى ولا أنت بشىء، وبهذا الاعتبار صارت الصلاة مما يشك فى كونه سببا للأمر فنسب لها مجازا عقليا من الإسناد للسبب فى الجملة وهذا غير المجاز اللغوى الذى فى هذا التركيب باعتبار أداة الاستفهام، وذلك أن الاستفهام عن الشىء يقتضى الجهل به، والجهل به يقتضى الجهل بفائدته، والجهل بفائدته يقتضى الاستخفاف به وهو ينشأ عنه الهزؤ فهو مجاز مرسل علاقته اللزوم- كذا قيل- والأحسن أن يكون استعمال أداة الاستفهام فى التهكم من باب الكناية أو يجعل التهكم من مستتبعات الكلام كما مر نظيره

(قوله: لا حقيقة الاستفهام) أعنى السؤال عن كون الصلاة آمرة بما ذكر

(قوله: والتحقير) العلاقة بينه وبين الاستفهام اللزوم؛ وذلك لأن الاستفهام عن الشىء يقتضى الجهل به وهو يقتضى عدم الاعتناء به؛ لأن الشىء المجهول غير ملتفت إليه وعدم الاعتناء بالشىء يقتضى استحقاره، فاستعمال الاستفهام فى التحقير إما مجاز مرسل على ما قيل أو أنه كناية وهو أولى أو أنه من مستتبعات الكلام؛ وذلك لأنك إذا كنت عارفا بالمسئول عنه، وقلت: فى مقام الاحتقار من هذا فكأنك تفرضه شيئا آخر غير المشاهد المعلوم وتسأل عنه ولم ترض بحاله فيتولد التحقير وصرت كأنك قلت هذا شخص مستخف به حقير- كذا قرر شيخنا العدوى، واعلم أن التحقير عد الشىء حقيرا والاستهزاء عدم المبالاة به وإن كان كبيرا عظيما فى نفسه، وربما اتحد محلهما وإن اختلفا مفهوما لما بينهما من الارتباط فى الجملة لصحة نشأة أحدهما من الآخر

(قوله: مع أنك تعرفه) أى: تعرف هذا المشار إليه

(قوله: والتهويل)


(١) الدخان: ٣٠، ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>