للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ولهذا قال: إِنَّهُ كانَ عالِياً مِنَ الْمُسْرِفِينَ (١)) زيادة لتعريف حاله وتهويل عذابه.

(والاستبعاد، نحو: أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرى (٢)) فإنه لا يجوز حمله على حقيقة الاستفهام؛ ...

===

بكسر الذال على صيغة اسم الفاعل ويدل على ذلك قوله بعد زيادة لتعريف حاله وتهويل عذابه، فإن الهاء فى حاله وعذابه لفرعون كما هو ظاهر والضمير فى مثله يرجع لمن هو ملتبس بفرط العتو وشدة الشكيمة وتوضيح ما فى المقام أن تقول: إن المراد بهذا الاستفهام تفظيع أمر فرعون والتهويل بشأنه وهو مناسب هنا؛ لأنه لما وصف عذابه بالشدة زيادة فى الامتنان على بنى إسرائيل بالإنجاء منه هوّل بشأن فرعون وبيّن فظاعة أمره ليعلم بذلك أن العذاب المنجى منه غاية فى الشدة حيث صدر ممن هو شديد الشكيمة عظيم العتو فكأنه قيل نجيناهم من عذاب من هو غاية فى العتو والتجبر، وناهيك بعذاب من هو مثله، وحينئذ فاللائق إنكم تشكرونى فكيف تكفرونى.

(قوله: ولهذا) أى: ولأجل التهويل بشأن فرعون

(قوله: إِنَّهُ كانَ عالِياً) أى: فى ظلمه من المسرفين فى عتوه، فكيف حال العذاب الذى يصدر من مثله

(قوله: زيادة إلخ) تعليل للمقول المذكور بعد تعليله بقوله: ولهذا فالعلة الأولى علة له مطلقا، والعلة الثانية: علة له مقيدا بالعلة الأولى

(قوله: لتعريف) أى: فى تعريف حاله

(قوله: وتهويل عذابه) أشار بهذا إلى أن تعريف حاله من حيث تهويل عذابه لا من حيثية أخرى

(قوله: والاستبعاد) السين والتاء زائدتان وهو عد الشىء بعيدا والفرق بينه وبين الاستبطاء أن الاستبعاد متعلقه غير متوقع، والاستبطاء متعلقه متوقع غير أنه بطىء فى زمن انتظاره ولا تنحصر المعانى المجازية فيما ذكره المصنف، فإن منها ما لم يذكره كالأمر نحو: فهل أنتم مسلمون أى: أسلموا والزجر نحو: أتفعل هذا أى: انزجر والعرض نحو ألا تنزل عندنا- كما فى سم.


(١) الدخان: ٣١.
(٢) الدخان: ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>