للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو ظاهر، بل المراد استبعاد أن يكون لهم الذكرى بقرينة قوله: وَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ. ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ (١)) أى: كيف يذكرون ويتعظون ويوفون بما وعدوه من الإيمان عند كشف العذاب عنهم وقد جاءهم ما هو أعظم وأدخل فى وجوب الأذكار من كشف الدخان ...

===

(قوله: وهو ظاهر) أى: لاستحالة حقيقة الاستفهام من العالم بخفيات الأمور وظواهرها مع منافاته للجملة الحالية؛ لأن الجملة الحالية تنافى الحمل على الاستفهام الحقيقى، وإذ امتنع حمل الاستفهام هنا على حقيقته طلب له معنى يناسب المقام فيحمل عليه، والمناسب هنا هو استبعاد تذكرهم بدليل قوله: وَقَدْ جاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ. ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ، وأيضا مثل هذا الكلام عرفا إنما يراد به الاستبعاد، فكأنه قيل من أين لهم التذكر والرجوع للحق، والحال أنه جاءهم رسول يعلمون أمانته فتولوا وأعرضوا عنه بمعنى أن الذكرى بعيدة من حالهم وغاية البعد النفى لذلك، وتوجيه العلاقة بين الاستفهام والاستبعاد أن الاستفهام مسبب عن استبعاد الوقوع؛ لأن بعد الشىء يقتضى الجهل به، والجهل به يقتضى الاستفهام عنه- انتهى من تقرير شيخنا العدوى.

(قوله: أى كيف يذكرون) هذا حل معنى مفيد للنفى والإنكار فليست كيف مستفهما بها عن الحال فلا يرد أن مقتضاه أن أن هنا بمعنى كيف مع أنه يجب حينئذ أن يليها فعل ولم يلها هنا فعل، بل هى بمعنى من أين فلو عبر به كان أحسن

(قوله: وأدخل) أى وأشد دخولا

(قوله: فى وجوب الإذكار) أى فى ثبوت التذكر

(قوله: من كشف الدخان) تنازعه أعظم وأدخل وأعمل الثانى قيل: إن هذا الدخان علامة من علامات يوم القيامة وهو ما ذهب إليه ابن عباس (٢) لقوله- عليه الصلاة والسّلام- أول الآيات الدخان ونزول عيسى ابن مريم ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر وروى أن حذيفة قال: يا رسول الله وما الدخان فتلا- عليه السّلام- هذه الآية فَارْتَقِبْ


(١) الدخان: ١٣، ١٤.
(٢) أورده السيوطى فى الدر المنثور ٥/ ٧٤٥ من حديث حذيفة وأصل الحديث عند مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>